الأخلاق. قال الشعبي: أعياني أن أعلم ما المحروم! وفرق قوم بين الفقير والمحروم، بأنه قد يحرمه الناس بترك الإعطاء، وقد يحرم نفسه بترك السؤال، فإذا سأل لا يكون ممن حرم نفسه بترك السؤال، وإنما حرمه الغير. وإذا لم يسأل فقد حرم نفسه، ولم يحرمه الناس. (وفي الأرض آيات) أي دلالات بينات، وحجج نيرات (للموقنين) الذين يتحققون توحيد الله. وإنما خص الموقنين لأنهم ينظرون فيها، فيحصل لهم العلم بموجبها، وآيات الأرض: ما فيها من أنواع المخلوقات، من الجبال والبحار والنبات والأشجار، كل ذلك دال على كمال قدرته وحكمته:
وفي كل شئ له آية، تدل على أنه واحد (وفي أنفسكم) أي: وفي أنفسكم أيضا آيات دالات على وحدانيته (أفلا تبصرون) أي: أفلا ترون أنها مصرفة من حال إلى حال، ومنتقلة من صفة إلى أخرى، إذ كنتم نطفا فصرتم أحياء، ثم كنتم أطفالا، فصرتم شبابا، ثم كهولا، فهلا دلكم ذلك على أن لها صانعا صنعها، ومدبرا دبرها، ومصرفا صرفها على مقتضى الحكمة. وقيل: إن المراد بذلك اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع، عن ابن عباس في رواية عطاء. وقيل: يريد سبيل الخلاء والبول والأكل والشرب، من مدخل واحد، والمخرج من سبيلين، وتم الكلام عند قوله: (وفي أنفسكم).
ثم عنفهم فقال: (أفلا تبصرون) وقيل: يعني أنه خلقك سميعا بصيرا تغضب وترضى وتجوع وتشبع، وذلك كله من آيات الله تعالى، عن الصادق (ع). وقيل:
إن المعنى أفلا تبصرون بقلوبكم نظر من كأنه يرى الحق بعينه. (وفي السماء رزقكم) ينزله الله إليكم بأن يرسل الغيث والمطر عليكم، فيخرج به من الأرض أنواع ما تقتاتونه، وتلبسونه، وتنتفعون به. (وما توعدون) من الثواب والعقاب، عن عطاء. وقيل: من الجنة؟ النار، عن مجاهد والضحاك. وقيل: معناه وفي السماء تقدير رزقكم أي: ما قسمه لكم مكتوب في أم الكتاب، وجميع ما توعدون في السماء أيضا، لأن الملائكة تنزل من السماء لقبض الأرواح، ولاستنساخ الأعمال، ولإنزال العذاب. ويوم القيامة للجزاء والحساب، كما قال (ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا).
ثم قال سبحانه: (فورب السماء والأرض إنه لحق) أقسم سبحانه بنفسه أن ما ذكر من أمر الرزق والآيات، حق لا شك فيه، عن الزجاج. وقيل: يعني أن ما قضى