(أنكم تنطقون) بمنزلة نطقكم. و (ما) في قوله (مثل ما أنكم تنطقون) زائدة.
وأما من نصب فقال: (مثل ما انكم) فيحتمل ثلاثة أضرب:
أحدها: إنه لما أضاف مثل إلى مبني، وهو قوله (أنكم) بناه كما بنى (يومئذ) في نحو قوله: (من عذاب يومئذ) و " على حين عاتبت المشيب على الصبي " وقوله:
لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت حمامة في غصون ذات أو قال فغير في موضع رفع بأنه فاعل يمنع. وإنما بنيت هذه الأسماء المبهمة نحو:
مثل ويوم وحين وغير، إذا أضيفت إلى المبني، لأنها تكتسي منه البناء، لأن المضاف يكتسي من المضاف إليه ما فيه من التعريف والتنكير والجزاء والاستفهام.
تقول: هذا غلام زيد، وصاحب القاضي. فيتعرف الاسم بالإضافة إلى المعرفة.
وتقول: غلام من يضرب، فيكون استفهاما. وتقول: صاحب من يضرب أضرب، فيكون جزاء. فمن بنى هذه المبهمة إذا أضافها إلى مبني، جعل البناء أحد ما يكتسيه من المضاف إليه. ولا يجوز على هذا: جاءني صاحب الخمسة عشر، ولا غلام هذا، لأن هذين من الأسماء غير المبهمة، والمبهمة في إبهامها وبعدها من الإختصاص، كالحروف التي تدل على أمور مبهمة. فلما أضيفت إلى المبنية، جاز ذلك فيها. والبناء على الفتح في مثل قول سيبويه.
والقول الثاني: أن تجعل (ما) مع (مثل) بمنزلة شئ واحد، وبنيته على الفتح. وإن كانت ما زائدة. وهذا قول أبي عثمان. وأنشد في ذلك قول الشاعر:
وتداعى منخراه بدم مثل ما أثمر حماض الجبل (1) فذهب إلى أن مثل مع ما بمنزلة شئ واحد. وينبغي أن يكون أثمر صفة لمثل ما، لأنه لا يخلو من أن يكون صفة له، أو يكون مثلا مضافا إلى الفعل، فلا تجوز الإضافة لأنا لم نعلم مثلا أضيف إلى الفعل في موضع، فكذلك لا نضيفه في هذا الموضع إلى الفعل. فإذا لم تجز الإضافة كان وصفا، وإذا كان وصفا، وجب أن