يعود منه إلى الموصوف ذكر، فيحذف كما يحذف الذكر العائد من الصفة إلى الموصوف. وقد يجوز أن لا يقدر مثل مع ما كشئ واحد، ولكن تجعله مضافا إلى ما، فيكون التقدير مثل شئ أثمره حماض الجبل، فبني مثل على الفتح، لإضافتها إلى ما، وهو غير متمكن. ولا يكون لأبي عثمان حينئذ في البيت حجة، على كون مثل مع ما بمنزلة شئ واحد. ويجوز أن يكون ما والفعل بمنزلة المصدر، فيكون مثل إثمار الحماض، فيكون كقوله: (وما كانوا بآياتنا يجحدون) وقوله: (بما كانوا يكذبون).
والقول الثالث: هو أن ينصب على الحال من النكرة في النطق، وهو قول أبي عمرو الجرمي. وذو الحال الذكر المرفوع في قوله (لحق) والعامل في الحال هو الحق. لأنه من المصادر التي وصف بها. ويجوز أن يكون الحال من النكرة الذي هو حق في قوله (إنه لحق) وإلى هذا ذهب أبو عمرو. ولم يعلم أنه جعله حالا من الذكر الذي في حق. وهذا لا خلاف في جوازه. وقد حمل أبو الحسن قوله تعالى:
(فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا) على الحال، وذو الحال (كل أمر حكيم) وهو نكرة، فهذه وجوه النصب في (مثل ما).
الاعراب: (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون): يجوز أن يكون (قليلا) خبر كان، وفاعله (ما يهجعون) والتقدير: كانوا قليلا هجوعهم. ويجوز أن يكون قليلا صفة مصدر محذوف على تقدير كانوا يهجعون هجوعا قليلا. فتكون (ما) زائدة.
و (يهجعون) خبر كان. و (من) في قوله (من الليل) يجوز أن يكون بمعنى الباء، كما يكون الباء بمعنى من في قوله (عينا يشرب بها عباد الله) أي: منها فيكون التقدير: كانوا يهجعون بالليل قليلا. وقيل: إن قوله (ما يهجعون) بمنزلة هجوعهم، وهو بدل من الواو في كانوا. وقوله (من الليل): في موضع الصفة لقليل، والتقدير: كان هجوعهم قليلا من الليل. وقوله (وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم): إن رفعت آيات بالابتداء، وجعلت في الأرض خبرا، كان الضمير في قوله (وفي أنفسكم) كالضمير في الفعل، كقولهم: قام زيد وقعد. والتقدير:
وفي أنفسكم آيات. وكذا قوله فيما بعد (وفي موسى) أي: وفي موسى آيات، وفي هود آيات، وفي ثمود آيات، وفي قوم نوح آيات، وفي عاد آيات.
المعنى: ثم ذكر سبحانه ما أعده لأهل الجنة فقال: (إن المتقين في جنات