وعيون) مر تفسيره (آخذين ما آتاهم ربهم) أي ما أعطاهم من الخير والكرامة (إنهم كانوا قبل ذلك) يعني في دار التكليف (محسنين) يفعلون الطاعات، ويحسنون إلى غيرهم بضروب الإحسان. ثم ذكر إحسانهم في أعمالهم فقال: (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) أي كانوا يهجعون قليلا من الليل، يصلون أكثر الليل، عن الزهري وإبراهيم. والهجوع: النوم بالليل دون النهار. وقيل: معناه كانوا قل ليلة تمر بهم، إلا صلوا فيها، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وهو المروي عن أبي عبد الله (ع). والمعنى: كان الذي ينامون فيه كله قليلا. ويكون الليل اسما للجنس. وقال مجاهد: لا ينامون كل الليل. وقيل: إن الوقف على قوله (قليلا) على معنى: كانوا من الناس قليلا. ثم ابتدأ فقال: (من الليل ما يهجعون، فيكون (ما) بمعنى النفي، عن الضحاك ومقاتل. وهذا على نفي النوم عنهم البتة أي:
كانوا يحيون الليل بالقيام في الصلاة، وقراءة القرآن. وأقول: إن (ما) إذا كان نفيا، لا يتقدم عليه ما كان في حيزه، إلا أن يتعلق قوله (من الليل) بفعل محذوف يدل عليه قوله: (يهجعون)، كما تقوله في قوله: (إني لكما لمن الناصحين)، و (كانوا فيه من الزاهدين).؟
(وبالأسحار هم يستغفرون) قال الحسن: مدوا الصلاة إلى الأسحار، ثم أخذوا بالأسحار في الاستغفار. وقال أبو عبد الله (ع): كانوا يستغفرون الله في الوتر سبعين مرة في السحر. وقيل: إن معناه وبالأسحار هم يصلون، وذلك أن صلاتهم بالأسحار طلب منهم للمغفرة، عن مجاهد ومقاتل والكلبي.
ثم ذكر سبحانه صدقاتهم فقال: (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) والسائل هو الذي يسال الناس. والمحروم: هو المحارف (1)، عن ابن عباس ومجاهد. وقيل: المحروم المتعفف الذي لا يسأل، عن قتادة، والزهري. وقيل:
هو الذي لا سهم له في الغنيمة، عن إبراهيم النخعي. والأصل: إن المحروم هو الممنوع الرزق بترك السؤال، أو ذهاب المال، أو خراب الضيعة، أو سقوط السهم من الغنيمة، لأن الانسان يصير فقيرا بهذه الوجوه. ويريد سبحانه بقوله (حق) ما يلزمهم لزوم الديون من الزكوات، وغير ذلك، أو ما ألزموه أنفسهم من مكارم