والظلمة، عن الحسن ومجاهد. وقيل: الزوجين الذكر والأنثى، عن ابن زيد.
(لعلكم تذكرون) أي لكي تعلموا أن خالق الأزواج واحد فرد لا يشبهه شئ.
(ففروا إلى الله) أي فاهربوا من عقاب الله إلى رحمته وثوابه، بإخلاص العبادة له. وقيل: ففروا إلى الله بترك جميع ما يشغلكم عن طاعته، ويقطعكم عما أمركم به. وقيل: معناه حجوا عن الصادق، (ع). (إني لكم منه) أي من الله (نذير) مخوف من عقابه. (مبين) لكم ما أرسلت به (ولا تجعلوا مع الله إلها آخر) أي لا تعبدوا معه معبودا آخر من الأصنام والأوثان. (إني لكم منه نذير مبين) والوجه في تكريره أن الثاني منعقد بغير ما انعقد به الأول، إذ تقديره إني لكم منه نذير في الامتناع من جعل إله آخر معه وتقدير الأول: إني لكم منه نذير في ترك القرار إليه بطاعته، فهو كقولك: أنذرك أن تكفر بالله، أنذرك أن تتعرض لسخط الله. والنذير:
المخبر بما يحذر منه، وهو يقتضي المبالغة. والمنذر: صفة جارية على الفعل.
والمبين: الذي يأتي ببيان الحق من الباطل.
ثم قال: (كذلك) أي: الأمر كذلك، وهو أنه (ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون) أي لم يأت الذين من قبلهم، يعني كفار مكة، من الأمم، رسول إلا قالوا ساحر محتال بالحيل اللطيفة، أو مجنون به جنون، فهو مغطى على عقله، بما لا يتوجه للإدراك به. ثم قال سبحانه: (أتواصوا به) أي أوصى أولهم آخرهم بالتكذيب، والاستفهام للتوبيخ (بل هم قوم طاغون) معناه: لم يتواصوا بذلك، لكنهم طاغون طغوا في معصية الله، وحملهم الطغيان فيما أعطيتهم، ووسعت عليهم، على تكذيب أنبيائي. ثم قال للنبي (ص): (فتول عنهم) أي فأعرض عنهم يا محمد، فقد بلغت وأنذرت، وهو قوله: (فما أنت بملوم) أي: في كفرهم وجحودهم بل اللائمة والذم عليهم من حيث لا يقبلون ما تدعوهم إليه. قال المفسرون: لما نزلت هذه الآية حزن رسول الله (ص) والمؤمنون، وظنوا أن الوحي قد انقطع، وأن العذاب قد حل حتى نزلت الآية الثانية.
وروي بالإسناد عن مجاهد قال: خرج علي بن أبي طالب (ع) مغتما مشتملا في قميصه فقال: لما نزلت (فتول عنهم فما أنت بملوم) لم يبق أحد منا إلا أيقن بالهلكة حين قيل للنبي (ص) (فتول عنهم). فلما نزل: (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) طابت نفوسنا، ومعناه: عظ بالقرآن من آمن من قومك، فإن الذكرى