على خلق العرش، وقصد إلى ذلك. وقد سبق القول في معنى الاستواء في سورة البقرة والأعراف. (له ما في السماوات وما في الأرض) أي: له ملك ما في السماوات، وما في الأرض وتدبيرهما وعلمهما. يعني أنه مالك كل شئ ومدبره.
(وما بينهما) يعني الهواء. (وما تحت الثرى) والثرى: التراب الندي. يعني وما وارى الثرى من كل شئ، عن الضحاك. وقيل: يعني ما في ضمن الأرض من الكنوز والأموات (وإن تجهر بالقول) أي: إن ترفع صوتك به (فإنه يعلم السر وأخفى) أي: فلا تجهد نفسك برفع الصوت، فإنك وإن لم تجهر علم الله السر وأخفى من السر. ولم يقل وأخفى منه، لدلالة الكلام عليه، كما يقول القائل فلان كالفيل، أو أعظم. وقيل: تقديره وإن تجهر بالقول، أو لا تجهر، فإنه يعلم السر وأخفى منه.
ثم اختلفوا فيما هو أخفى من السر فقيل: ما حدث به العبد غيره في خفية، وأخفى منه: ما أضمره في نفسه ما لم يحدث به غيره، عن ابن عباس. وقيل: السر ما أضمره العبد في نفسه. وأخفى منه: ما لم يكن، ولا أضمره أحد، عن قتادة وسعيد بن جبير وابن زيد. وقيل: السر ما تحدث به نفسك. وأخفى منه: ما تريد أن تحدث به نفسك في ثاني الحال. وقيل: العمل الذي تستره عن الناس. وأخفى منه: الوسوسة، عن مجاهد. وقيل: معناه يعلم السر أي: أسرار الخلق وأخفى:
أي سر نفسه، عن زيد بن أسلم جعله فعلا ماضيا. وروي عن السيدين الباقر والصادق عليهما السلام: السر ما أخفيته في نفسك. وأخفى: ما خطر ببالك، ثم أنسيته.
(الله لا إله إلا هو) لا معبود تحق له العبادة غيره.
(له الأسماء الحسنى) أي: الأسماء الدالة على توحيده، وعلى إنعامه على العباد، وعلى المعاني الحسنة. فأيها دعوت جاز. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
(إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة). قال الزجاج: تأويله من وحد الله تعالى وذكر هذه الأسماء الحسنى، يريد بها توحيد الله وإعظامه، دخل الجنة. وقد جاء في الحديث: (من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة) فهذا لمن ذكر اسم الله موحدا له به، فكيف بمن ذكر أسماءه كلها، يريد بها توحيده، والثناء عليه. وإنما قال (الحسنى) بلفظ التوحيد، ولم يقل الأحاسن، لأن الأسماء مؤنثة تقع عليها هذه كما تقع على الجماعة هذه، كأنه اسم واحد للجمع. قال الأعشى: