فأنزل الله: (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) فوضعها. وروي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام. قال الزجاج: ويجوز أن يكون (طه) أمر من وطأ يطأ على قول من لم يهمز، ثم حذفت الألف، فصار (ط) ثم زيدت الهاء في الوقت. ويجوز أن يكون (طه) جاريا مجرى القسم، فيكون (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) جواب القسم.
وقوله. (تذكرة). مفعول له. (لمن يخشى): الجار والمجرور في موضع الصفة لتذكرة. والأولى أن يكون مصدر فعل محذوف ويكون الاستثناء منقطعا، والتقدير، لكن تذكرة. وكذلك قوله (تنزيلا) مصدر لفعل محذوف تقديره نزلناه تنزيلا، أو نزل تنزيلا، ويدل عليه قوله (أنزلنا).
المعنى: (طه) قد بينا في أول البقرة تفسير حروف المعجم في أوائل السور، والاختلاف فيه. وقد قيل: إن معنى طه يا رجل، عن ابن عباس وسعيد بن جبير، والحسن ومجاهد، والكلبي. غير أن بعضهم يقول هو بلسان الحبشية أو النبطية.
وقال الكلبي: هي بلغة عك وأنشد لتميم بن نويرة:
هتفت بطه في القتال، فلم يجب، * فخفت لعمري أن يكون موائلا (1) قال الآخر:
إن السفاهة طه من خلائقكم * لا بارك الله في القوم الملاعين وقال الحسن: هو جواب للمشركين حين قالوا إنه شقي، فقال سبحانه: يا رجل (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) لكن لتسعد به، وتنال الكرامة به في الدنيا والآخرة. قال قتادة: وكان يصلي الليل كله، ويعلق صدره بحبل حتى لا يغلبه النوم، فأمره الله سبحانه بأن يخفف على نفسه، وذكر أنه ما أنزل عليه الوحي ليتعب كل هذا التعب. (إلا تذكرة لمن يخشى) قال المبرد. معناه لكن أنزلناه تذكرة أي لتذكرة من يخشى الله. والتذكرة مصدر كالتذكير (تنزيلا) أي: أنزلناه تنزيلا.
(ممن خلق الأرض) بدأ بالأرض ليستقيم رؤوس الآي (والسماوات العلى) أي: الرفيعة العالية نبه بذلك على عظم حال خالقهما. ثم أكد ذلك بقوله (الرحمن على العرش استوى) أي: هو الرحمن لأنه لما قال (ممن خلق) بينه بعد ذلك فقال: هو الرحمن قال أحمد بن يحيى: الاستواء الإقبال على الشئ، فكأنه أقبل (1) وئل: التجأ. وفي بعض النسخ (مواليا) مكان (موائلا).