الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين [58] ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم [59] ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور [60]).
القراءة: قرأ ابن عامر: (قتلوا) بالتشديد. والباقون بالتخفيف. وقرأ أهل المدينة: (مدخلا) بالفتح. والباقون بضم الميم. وقد سبق ذكره.
المعنى: لما تقدم ذكر القيامة، بين صفته فقال: (الملك يومئذ لله) لا يملك أحد سواه شيئا بخلاف الدنيا (يحكم بينهم) أي: يفصل بين المؤمنين والكافرين.
ثم بين حكمه فقال: (فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم) ينعمون فيها (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك في عذاب مهين) يهينهم ويذلهم (والذين هاجروا في سبيل الله) أي: فارقوا أوطانهم، وخرجوا من مكة إلى المدينة (ثم قتلوا) في الجهاد (أو ماتوا) في الغربة (ليرزقنهم الله رزقا حسنا) وهو رزق الجنة، عن الحسن والسدي والرزق الحسن: ما إذا رآه تمتد عينه إلى غيره. وهذا لا يقدر عليه غير الله تعالى، ولذلك قال: (وإن الله لهو خير الرازقين). وقيل: بل هو مثل قوله: (بل أحياء عند ربهم يرزقون).
(ليدخلنهم مدخلا يرضونه) لأن لهم فيه ما تشتهي الأنفس، وتلذ الأعين.
والمدخل يجوز أن يكون بمعنى المكان، وبمعنى المصدر (وإن الله لعليم) بأحوالهم (حليم) عن معالجة الكفار بالعقوبة (ذلك) أي: الأمر ذلك الذي قصصنا عليك (ومن عاقب بمثل ما عوقب به) أي: من جازى الظالم بمثل ما ظلمه. قال الحسن: معناه قاتل المشركين كما قاتلوه. والأول لم يكن عقوبة، ولكن كقولهم:
الجزاء بالجزاء، لازدواج الكلام. (ثم بغي عليه) أي: ظلم باخراجه من منزله، يعني: ما فعله المشركون من البغي على المسلمين حتى أخرجوهم إلى مفارقة ديارهم (لينصرنه الله) يعني المظلوم الذي بغي عليه (إن الله لعفو غفور) روي أن الآية نزلت في قوم من مشركي مكة، لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم، فقالوا: إن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يقاتلون في هذا الشهر. فحملوا عليهم، فناشدهم المسلمون أن لا يقاتلوهم في الشهر الحرام فأبوا، فأظفر الله المسلمين بهم.