شاده مرمرا، وجلله كلسا، * فللطير في ذراه وكور (1) وقال امرؤ القيس:
وتيماء لم يترك بها جذع نخلة، * ولا أطما إلا مشيدا بجندل (2) وقيل: المشيد المجصص والمبني بالشيد. والشيد: الجص والجيار.
والجيار: الصاروج.
المعنى: ثم وصف سبحانه من ذكرهم من المهاجرين فقال: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة) والتمكين: إعطاء ما يصح معه الفعل، فإن كان الفعل لا يصح إلا بآلة، فالتمكين: إعطاء تلك الآلة لمن فيه القدرة، وكذلك إن كان لا يصح الفعل إلا بعلم ونصب ودلالة واضحة وسلامة ولطف وغير ذلك، فالتمكين: إعطاء جميع ذلك وإن كان الفعل يكفي في صحة وجوده مجرد القدرة. فخلق القدرة التمكين. فالمعنى الذين أعطيناهم ما به يصح الفعل منهم، وسلطناهم في الأرض، أدوا الصلاة بحقوقها، وأعطوا ما افترض الله عليهم من الزكاة.
(وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر) وهذا يدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والمعروف هو الحق، لأنه يعرف صحته. والمنكر هو الباطل لأنه لا يمكن معرفة صحته. قال الزجاج: هذه صفة من في قوله (من ينصره).
وقال الحسن وعكرمة: هم هذه الأمة. وقال أبو جعفر عليه السلام: نحن هم والله!
(ولله عاقبة الأمور) هو كقوله (وإلى الله ترجع الأمور) ومعناه: إنه يبطل كل ملك سوى ملكه، فتصير الأمور إليه بلا مانع ولا منازع. ثم عزى سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم عن تكذيبهم إياه، وخوف مكذبيه بذكر من كذبوا أنبياءهم فأهلكوا فقال. (وإن يكذبوك) يا محمد (فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين) كل أمة من هؤلاء الأمم فقد كذبت نبيها. ثم قال: (وكذب