الثنية (1) الصعبة فأذنوا للناس أو يتبعونا.
فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو على ناقته وحذيفة وسلمان أحدهما آخذ بخطام ناقته يقودها، والآخر خلفها يسوقها، وعمار إلى جانبها، والقوم على جمالهم ورجالتهم منبثون حوالي الثنية على تلك العقبات، وقد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب فدحرجوها من فوق لينفروا الناقة برسول الله صلى الله عليه وآله، وتقع به في المهوى الذي يهول الناظر النظر إليه من بعده.
فلما قربت الدباب من ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله أذن الله تعالى لها، فارتفعت ارتفاعا عظيما فجاوزت ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم سقطت في جانب المهوى، ولم يبق منها شئ إلا صار كذلك، وناقة رسول الله صلى الله عليه وآله كأنها لا تحس بشئ من تلك القعقعات (2) التي كانت للدباب.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعمار: اصعد الجبل فاضرب بعصاك هذه وجوه رواحلهم فارم بها. ففعل ذلك عمار، فنفرت بهم، سقط بعضهم فانكسر عضده، ومنهم من انكسرت رجله ومنهم من انكسر جنبه (3) واشتدت لذلك أوجاعهم، فلما جبرت واندملت بقيت عليهم آثار الكسر إلى أن ماتوا.
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله - في حذيفة وأمير المؤمنين عليه السلام -: إنهما أعلم الناس بالمنافقين، لقعوده في أصل العقبة (4) ومشاهدته من مر سابقا لرسول الله صلى الله عليه وآله، وكفى الله رسوله أمر من قصد له، وعاد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة، فكسى الله الذل والعار من كان قعد عنه، وألبس الخزي من كان دبر على علي عليه السلام ما دفع الله عنه. (5)