[بعد الدنيا] آخرة فهم مع كفرهم بها لاخلاق لهم فيها.
ثم قال: (ولبئس ماشروا به أنفسهم) باعوا به أنفسهم بالعذاب، إذا باعوا الآخرة بالدنيا ورهنوا بالعذاب [الدائم] (١) أنفسهم (لو كانوا يعلمون) أنهم قد باعوا أنفسهم بالعذاب ولكن لا يعلمون ذلك لكفرهم به. فلما (٢) تركوا النظر في حجج الله حتى يعلموا، عذبهم (٣) على اعتقادهم الباطل وجحدهم الحق.
قال أبو يعقوب وأبو الحسن (٤): قلنا للحسن أبي القائم عليه السلام: فان قوما عندنا يزعمون أن هاروت وماروت ملكان اختارتهما الملائكة لما كثر عصيان بني آدم، وأنزلهما الله مع ثالث لهما إلى الدنيا، وأنهما افتتنا بالزهرة، وأرادا الزنا بها، وشربا الخمر، وقتلا النفس المحرمة، وأن الله تعالى يعذبهما ببابل، وأن السحرة منهما يتعلمون السحر وأن الله تعالى مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الذي هو الزهرة.
فقال الإمام عليه السلام: معاذ الله من ذلك، إن ملائكة الله تعالى معصومون [من الخطأ] محفوظون من الكفر والقبائح بألطاف الله تعالى، فقال الله عز وجل فيهم:
﴿لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون﴾ (٥) وقال تعالى:
(وله من في السماوات والأرض ومن عنده - يعني الملائكة - لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون. يسبحون الليل والنهار لا يفترون).
وقال في الملائكة (بل عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) إلى قوله ﴿وهم من خشيته مشفقون﴾ (6).
ثم قال: لو كان كما يقولون، كان الله قد جعل هؤلاء الملائكة خلفاءه على الأرض وكانوا كالأنبياء في الدنيا وكالأئمة، فيكون من الأنبياء والأئمة قتل النفس وفعل الزنا!؟