تفسير الإمام العسكري (ع) - المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) - الصفحة ٤٥٤
على أنبيائه أن بيت المقدس يخرب على يد رجل يقال له: " بخت نصر " وفى زمانه أخبرنا بالحين (1) الذي يخرب فيه، والله يحدث الامر بعد الامر فيمحو ما يشاء ويثبت.
فلما بلغ ذلك الحين الذي يكون فيه هلاك بيت المقدس بعث أوائلنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل وأفاضلهم - كان يعد من أنبيائهم - يقال له " دانيال " في طلب " بخت نصر " ليقتله (2).

١) من البحار، وفى الأصل: بالخبر، وكذا في الموضع التالي.
٢) تقدم ما يشابه ذلك في ص ٤٠٧ وص ٤٤٨، ويأتي في ذيل الآية: ١١٣، ويؤيد ذكر هذه المحاججة بطريق آخر عن ابن عباس، حيث رواها الواحدي في أسباب النزول:
١٨، البيضاوي في أنوار التنزيل: ١ / ١٧٢، أبو السعود في تفسيره: ١ / ١٣٢، أبو الفتوح الرازي في تفسيره: ١ / ٢٦٢، الفخر الرازي في تفسيره: ٣ / ١٩٤، والبغوي في تفسيره:
١ / ٩٦ - واللفظ له - قالوا:
قال ابن عباس رضي الله عنه: ان حبرا من أحبار اليهود، يقال له عبد الله بن صوريا قال للنبي صلى الله عليه وآله: أي ملك يأتيك من السماء؟ قال: جبريل.
قال: ذلك عدونا من الملائكة، ولو كان ميكائيل لامنا بك، ان جبريل ينزل العذاب والقتال والشدة وانه عادانا مرارا، كان أشد ذلك علينا أن الله تعالى أنزل على نبينا: أن بيت المقدس سيخرب على يد رجل يقال له: بختنصر، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه، فلما كان وقته بعثنا " رجلا من أقوياء بني إسرائيل " في طلبه ليقتله، فانطلق حتى لقيه ببابل غلاما مسكينا فأخذه ليقتله، فدفع عنه جبريل، وكبر بختنصر وقوى وغزانا وخرب بيت المقدس، فلهذا نتخذه عدوا. فأنزل الله هذه الآية.
وغير خفى أنه لم يصرح باسم " دانيال " في هذه المصادر بل اصطلح عليه: " رجلا من أقوياء بني إسرائيل ".
وقد تبين لنا أن فيما ارخ في كتب السيرة والتاريخ من قصة بختنصر ودانيال اختلاف شديد وأقول متضاربة، كما صرح بذلك ابن الأثير في الكامل: ١ / 104، والطبري في تاريخه: 1 / 387، والشيخ المجلسي في البحار: 14 / 355.
ولعل منشأ ذلك طول الفترة التاريخية المبهمة التي جرت فيها هذه الاحداث، حيث تبلغ ستمائة سنة تقريبا.
وأيضا تشابه أحداث ووقائع غزو بختنصر لبنى إسرائيل.
أضف إلى ذلك ثالثا: وجود ملكين باسم بختنصر:
الأول: بختنر الأكبر الذي غزا بني إسرائيل وقتلهم عند قتلهم نبيهم شعيا في عهد أرميا الذي كان معاصرا لدانيال.
الثاني: بختنصر بن ملتنصر بن بختنصر الأكبر، حيث قام في السنة الثالثة عشرة من ملكه بغزو بني إسرائيل في بيت المقدس وقتل منهم سبعين ألفا على دم يحيى بن زكريا، كما صرح بذلك المسعودي في اثبات الوصية: 84، وقد ذكروا أن بين عهد ارميا وقتل يحيى أربعمائة واحدى وستون سنة.
(٤٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 ... » »»
الفهرست