فقال أمير المؤمنين عليه السلام: جازاك الله بهذه السلامة عن تلك النصيحة التي نصحتني.
ثم قلب وجه الدابة إلى ما يلي كفلها (1) والقوم معه بعضهم كان أمامه، وبعضهم خلفه، وقال: اكشفوا عن هذا المكان. فكشفوا [عنه] فإذا هو خاو، ولا يسير عليه أحد إلا وقع في الحفيرة، فأظهر القوم الفزع، والتعجب مما رأوا.
فقال علي عليه السلام للقوم: أتدرون من عمل هذا؟ قالوا: لا ندري.
قال عليه السلام: لكن فرسي هذا يدري.
[ثم قال:] يا أيها الفرس كيف هذا؟ ومن دبر هذا؟
فقال الفرس: يا أمير المؤمنين إذا كان الله عز وجل يبرم (2) ما يروم جهال الخلق نقضه أو كان ينقض ما يروم جهال الخلق إبرامه، فالله هو الغالب والخلق هم المغلوبون فعل هذا يا أمير المؤمنين فلان وفلان وفلان إلى أن ذكر العشرة بمواطاة من أربعة وعشرين، هم مع رسول الله صلى الله عليه وآله في طريقه.
ثم دبروا - هم - على أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وآله على العقبة والله عز وجل من وراء حياطة (3) رسول الله صلى الله عليه وآله، وولي الله لا يغلبه الكافرون.
فأشار بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام بأن يكاتب رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك ويبعث رسولا مسرعا، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن رسول الله إلى محمد رسوله الله صلى الله عليه وآله أسرع وكتابه إليه أسبق، فلا يهمنكم (4) هذا.
فلما قرب رسول الله صلى الله عليه وآله من العقبة التي بإزائها فضائح المنافقين والكافرين نزل دون العقبة، ثم جمعهم فقال لهم: هذا جبرئيل الوحي الأمين يخبرني:
" إن عليا دبر عليه كذا وكذا، فدفع الله عز وجل عنه بألطافه وعجائب معجزاته