تفسير الإمام العسكري (ع) - المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) - الصفحة ٣٧٢
إلى السماء، وألقى شبهه على من رام (1) قتله (2) فقتل بدلا منه، وقيل: هو المسيح. (3)
١) " انظر إلى شبه عيسى وقتيله الذي رام أن يقتل دونه " " رام " اما من " روم، يروم الشئ " طلبه. واما من " رأم، ير أم " إذا أحب شيئا وألفه فقد رئمه. ورام شيئا: أراد شيئا، عطف عليه، كما ترأم الام ولدها، والناقة حوارها فتشمه وتترشفه. واما من " ريم، يريم " إذا برح وزال من مكانه.
أقول: محصل ما يستفاد من الروايات في الآية: شبه لهم " النساء: ١٥٧ أن عيسى وحواريه اجتمعوا في بيت، فأحاط بهم بعيث يهودا رأس اليهود ليقتلوا عيسى عليه السلام فاستنصرهم وطلب منهم فداء، وقال عليه السلام: أيكم يشرى نفسه يلقى عليه شبحى فيقتل ويصلب، بثمن الجنة، ويكون معي في درجتي؟
فقال شاب منهم: أنا يا روح الله - أي أنا أشرى نفسي فداءا لك، ليلقى على شبحك واقتل واصلب -. فقال عليه السلام: فأنت هوذا - أي المجزى بالعهد -.
فرام، وبرح من مكانه، كما ترى أم الام ولدها فتشمه وتترشفه، وخرج إليهم.
فالقى عليه شبح عيسى، فشبه لهم، فأخذوه، وقتلوه، وصلبوه.
فقتل بدلا منه، وقيل: " هو المسيح " روى القمي في تفسيره: ٩٣ عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: " ان عيسى وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا إليه عند المساء، وهم اثنا عشر رجلا، فأدخلهم بيتا، ثم خرج إليهم من عين في زاوية البيت، وهو ينفض رأسه من الماء فقال:
ان الله أوحى إلى أنه رافعي إليه الساعة، ومطهري من اليهود، فأيكم يلقى عليه شبحي فيقتل ويصلب، ويكون معي في درجتي؟
فقال شاب منهم: أنا يا روح الله. قال: فأنت هو ذا.. " وفى تفسير الطبري: ٦ / ١٢ عن وهب بن منبه: " فقال عيسى عليه السلام لأصحابه: من يشرى نفسه منكم اليوم بالجنة؟ فقال رجل منهم اسمه " سرجس ": أنا. فخرج إليهم فقال: أنا عيسى، فأخذوه، وقتلوه، وصلبوه ".
راجع حديث ابن عباس في الدر المنثور: ٢ / ٢٣٨ وتفسير الطبري، والبحار: ١٤ / ٣٣٥ - ٣٤٥ باب رفع عيسى عليه السلام إلى السماء و.. ٢ و ٣) ٢) قال تعالى: " ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد " البقرة: ٢٠٧ أقول: انظر روايات الفريقين في أنها نزلت في علي عليه السلام - وهو نفس رسول الله صلى الله عليه وآله في آية المباهلة - شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله، آثر رسول الله صلى الله عليه وآله بالحياة على نفسه ليلة ذهابه إلى الغار، ولبس ثوب رسول الله وبات على فراشه، وكان المشركون قد أحاطوا بداره أرادوا قتله، ورموه بالحجارة، وهم يتوهمون أنه رسول الله صلى الله عليه وآله.
٣) عنه البحار: ٩ / ٣٢٠ ح ١٣، و ج: ١٤ / ٣٣٨ ح ١٠ (قطعة)، و ج ٧٠ / ١٧٠ ح ١٩، والبرهان:
١ / 124 ح 1.