فأنطق الله عز وجل جنائزهم [فقالت] (1): صدق محمد وما كذب، وكذبتم وما صدقتم. واضطربت الجنائز، ورمت من عليها، وسقطوا على الأرض ونادت:
ما كنا لننقاد ليحمل علينا أعداء الله إلى عذاب الله.
فقال أبو جهل (لعنه الله): إنما سحر محمد هذه الجنائز كما سحر تلك الأحجار والجلاميد والصخور، حتى وجد منها من النطق ما وجد، فان كانت - قتل هذه الأحجار هؤلاء - لمحمد آية له وتصديقا لقوله، وتثبيتا لامره، فقالوا له: يسأل من خلقهم أن يحييهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن قد سمعت اقتراح الجاهلين، وهؤلاء عشرة قتلى، كم جرحت بهذه الأحجار التي رمانا بها القوم يا علي؟
قال علي عليه السلام: جرحت (أربع جراحات) (2) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قد جرحت أنا ست جراحات، فليسأل كل واحد منا ربه أن يحيي من العشرة بقدر جراحاته.
فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله لستة منهم فنشروا، ودعا علي عليه السلام لأربعة منهم فنشروا.
ثم نادى المحيون: معاشر المسلمين إن لمحمد وعلي شأنا عظيما في الممالك التي كنا فيها، لقد رأينا لمحمد صلى الله عليه وآله مثالا على سرير عند البيت المعمور، وعند العرش، ولعلي عليه السلام مثالا عند البيت المعمور وعند الكرسي وأملاك السماوات والحجب وأملاك العرش يحفون بهما ويعظمونهما ويصلون عليهما، ويصدرون عن أوامرهما، ويقسمون بهما على الله عز وجل لحوائجهم إذا سألوه بهما.
فآمن منهم سبعة نفر، وغلب الشقاء على الآخرين. (3)