فكففت عنه، وقلت: أنا مار بك عليه، فان عرفك بالتشيع أطلقت عنك، وإلا قطعت يدك ورجلك، بعد أن أجلدك ألف سوط. وقد جئتك [به] يا بن رسول الله فهل هو من شيعة علي عليه السلام كما ادعى؟
فقال الحسن بن علي عليهما السلام: معاذ الله، ما هذا من شيعة علي عليه السلام، وإنما ابتلاه الله في يدك، لاعتقاده في نفسه أنه من شيعة علي عليه السلام فقال الوالي: الآن كفيتني مؤونته، الآن (1) أضربه خمسمائة [ضربة] لا حرج علي فيها.
فلما نحاه بعيدا، قال: ابطحوه، فبطحوه وأقام عليه جلادين، واحدا عن يمينه، وآخر عن شماله، وقال: أوجعاه. فأهويا إليه بعصيهما (2) فكانا لا يصيبان استه شيئا إنما يصيبان الأرض. فضجر من ذلك، وقال: ويلكما تضربان الأرض؟ اضربا استه.
[فذهبا يضربان استه] فعدلت أيديهما (3) فجعلا يضرب بعضهما بعضا ويصيح ويتأوه.
فقال: ويحكما، أمجنونان أنتما يضرب بعضكما بعضا؟! اضربا الرجل.
فقالا: ما نضرب إلا الرجل، وما نقصد سواه، ولكن تعدل أيدينا حتى يضرب بعضنا بعضا.
قال: فقال: يا فلان ويا فلان حتى دعا أربعة وصاروا مع الأولين ستة، وقال: أحيطوا به، فأحاطوا به، فكان يعدل بأيديهم، وترفع عصيهم إلى فوق، فكانت لا تقع إلا بالوالي فسقط عن دابته، وقال: قتلتموني، قتلكم الله، ما هذا؟!
فقالوا: ما ضربنا إلا إياه!
ثم قال لغيرهم: تعالوا فاضربوا هذا. فجاؤوا، فضربوه بعد فقال: ويلكم إياي تضربون؟!
فقالوا: لا والله، ما (4) نضرب إلا الرجل!