فلما كان في اليوم الثاني جاؤوا وقالوا كذلك، فقال مثلها، فصرفهم إلى أن جاؤه هكذا يقولون ويصرفهم شهرين، ثم أيسوا من الوصول وقالوا للحاجب: قل لمولانا:
إنا شيعة أبيك علي بن أبي طالب عليه السلام وقد شمت بنا أعداؤنا في حجابك لنا، ونحن ننصرف هذه الكرة، نهرب من بلدنا خجلا وأنفة مما لحقنا، وعجزا عن احتمال مضض ما يلحقنا بشماتة أعدائنا.
فقال علي بن موسى [الرضا] عليهما السلام: ائذن لهم ليدخلوا. فدخلوا عليه، فسلموا عليه، فلم يرد عليهم، ولم يأذن (١) لهم بالجلوس، فبقوا قياما، فقالوا:
يا بن رسول الله ما هذا الجفاء العظيم والاستخفاف بعد هذا الحجاب الصعب؟
أي باقية تبقي منا بعد هذا؟
فقال الرضا عليه السلام: اقرؤا (٢) ﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير﴾ (3). ما اقتديت إلا بربي عز وجل فيكم، وبرسول الله صلى الله عليه وآله وبأمير المؤمنين عليه السلام ومن بعده من آبائي الطاهرين عليهم السلام عتبوا عليكم، فاقتديت بهم.
قالوا: لماذا يا بن رسول الله؟
قال [لهم]: لدعواكم أنكم شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
ويحكم إنما شيعته الحسن والحسين عليهما السلام وسلمان وأبي ذر والمقداد وعمار ومحمد بن أبي بكر، الذين لم يخالفوا شيئا من أوامره، ولم يرتكبوا شيئا من [فنون؟؟؟] زواجره.
فأما أنتم إذا قلتم أنكم شيعته، وأنتم في أكثر أعمالكم له مخالفون، مقصرون في كثير من الفرائض [و] متهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في الله، وتتقون حيث لا تجب التقية، وتتركون التقية [حيث لا بد من التقية].
لو قلتم أنكم موالوه ومحبوه، والموالون لأوليائه، والمعادون لأعدائه، لم أنكره من قولكم، ولكن هذه مرتبة شريفة ادعيتموها، إن لم تصدقوها قولكم بفعلكم