فقال له ابن أبي ليلى: أنت رجل من أهل العلم والحديث، إن كان يسوءك أن يقال لك " رافضي " فتبرأ من الرفض، فأنت من إخواننا.
فقال له عمار: يا هذا ما ذهبت والله حيث ذهبت، ولكني بكيت عليك وعلي:
أما بكائي على نفسي فإنك نسبتني إلى رتبة شريفة لست من أهلها، زعمت أني رافضي، ويحك لقد حدثني الصادق عليه السلام " أن أول من سمي الرافضة (1) السحرة الذين لما شاهدوا آية موسى عليه السلام في عصاه آمنوا به [ورضوا به] واتبعوه ورفضوا أمر فرعون، واستسلموا لكل ما نزل بهم، فسماهم فرعون الرافضة لما رفضوا دينه ".
فالرافضي من رفض كلما كرهه الله، تعالى وفعل كل ما أمره الله، فأين في الزمان مثل هذا؟
فإنما بكيت على نفسي خشية أن (يطلع الله تعالى) (2) على قلبي، وقد تقبلت (3) هذا الاسم الشريف على نفسي، فيعاتبني (4) ربي عز وجل ويقول: يا عمار أكنت رافضا للأباطيل، عاملا للطاعات كما قال لك؟ فيكون ذلك تقصيرا بي في الدرجات إن سامحني، وموجبا لشديد العقاب علي إن ناقشني، إلا أن يتداركني موالي بشفاعتهم.
وأما بكائي عليك، فلعظم كذبك في تسميتي بغير اسمي، وشفقتي الشديدة عليك من عذاب الله تعالى أن صرفت أشرف الأسماء إلى أن جعلته من أرذلها (5) كيف يصبر بذلك على عذاب [الله، وعذاب] كلمتك هذه؟!
فقال الصادق عليه السلام: لو أن على عمار من الذنوب ما هو أعظم من السماوات والأرضين لمحيت عنه بهذه الكلمات: وإنها لتزيد في حسناته عند ربه عز وجل