التي كانت معدة لهم لو آمنوا (وما كانوا مهتدين) إلى الحق والصواب.
فلما أنزل الله عز وجل هذه الآية حضر رسول الله صلى الله عليه وآله قوم، فقالوا:
يا رسول الله سبحان الرازق، ألم تر فلانا كان يسير البضاعة، خفيف ذات اليد، خرج مع قوم يخدمهم في البحر فرعوا له حق خدمته، وحملوه معهم إلى الصين وعينوا له يسيرا من مالهم، قسطوه على أنفسهم له، وجمعوه فاشتروا له [به] (1) بضاعة من هناك فسلمت فربح الواحد عشرة. فهو اليوم من مياسير أهل المدينة؟
وقال قوم آخرون بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله:
يا رسول الله ألم تر فلانا كانت حسنة حاله، كثيرة أمواله، جميلة أسبابه، وافرة خيراته وشمله مجتمع، أبى إلا طلب الأموال الجمة، فحمله الحرص على أن تهور، فركب البحر في وقت هيجانه، والسفينة غير وثيقة، والملاحون غير فارهين إلى أن توسط البحر حتى لعبت بسفينته ريح [عاصف] فأزعجتها إلى الشاطئ، وفتقتها (2) في ليل مظلم وذهبت أمواله، وسلم بحشاشة نفسه (3) فقيرا وقيرا (4) ينظر إلى الدنيا حسرة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا أخبركم بأحسن من الأول حالا، وبأسوأ من الثاني حالا؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
أما أحسن من الأول حالا فرجل اعتقد صدقا بمحمد [رسول الله]، وصدقا في إعظام علي أخي رسول الله ووليه، وثمرة قلبه ومحض طاعته، فشكر له ربه ونبيه ووصي نبيه فجمع الله تعالى له بذلك خير الدنيا والآخرة، ورزقه لسانا لآلاء الله تعالى ذاكرا، وقلبا لنعمائه شاكرا، وبأحكامه راضيا، وعلى احتمال مكاره أعداء محمد وآله نفسه موطنا، لاجرم أن الله عز وجل سماه عظيما في ملكوت أرضه وسماواته، وحباه