ثم يعودون إلى أخدانهم من المنافقين المتمردين المشاركين لهم في تكذيب رسول الله صلى الله عليه وآله فيما أداه إليهم عن الله عز وجل من ذكر وتفضيل أمير المؤمنين عليه السلام ونصبه إماما على كافة المكلفين. (1) " قالوا - لهم - إنا معكم إنما نحن " على ما واطأناكم عليه من دفع علي عن هذا الامر إن كانت لمحمد كائنة، فلا يغرنكم ولا يهولنكم ما تسمعونه منا من تقريظهم وترونا نجترئ عليهم من مداراتهم ف " إنما نحن مستهزؤن " بهم.
فقال الله عز وجل: يا محمد " الله يستهزئ بهم " [و] يجازيهم جزاء استهزائهم في الدنيا والآخرة " ويمدهم في طغيانهم " يمهلهم ويتأنى (2) بهم برفقه، ويدعوهم إلى التوبة، ويعدهم إذا تابوا (3) المغفرة، [وهم] يعمهون " لا ينزعون (4) عن قبيح، ولا يتركون أذى لمحمد صلى الله عليه وآله وعلي يمكنهم إيصاله إليهما إلا بلغوه.
قال الامام العالم عليه السلام: فأما استهزاء الله تعالى بهم في الدنيا فهو أنه - مع أجرائه إياهم على ظاهر أحكام المسلمين لاظهارهم ما يظهرونه من السمع والطاعة، والموافقة - يأمر (5) رسول الله صلى الله عليه وآله بالتعريض لهم حتى لا يخفى على المخلصين من المراد بذلك التعريض، ويأمره بلعنهم.
وأما استهزاؤه بهم في الآخرة فهو أن الله عز وجل إذا أقرهم (6) في دار اللعنة والهوان وعذبهم بتلك الألوان العجيبة من العذاب، وأقر هؤلاء المؤمنين في الجنان بحضرة محمد صلى الله عليه وآله صفي الملك الديان، أطلعهم على هؤلاء المستهزئين الذين كانوا يستهزؤن