اعتذر هؤلاء [المنافقين إليه] بما اعتذروا، تكرم عليهم بأن قبل ظواهرهم ووكل بواطنهم إلى ربهم، لكن جبرئيل عليه السلام أتاه فقال:
يا محمد إن العلي الاعلى يقرأ عليك (1) السلام ويقول: اخرج بهؤلاء المردة الذين اتصل بك عنهم في علي عليه السلام: على نكثهم لبيعته، وتوطينهم نفوسهم على مخالفتهم عليا ليظهر من عجائب ما أكرمه الله به، من طواعية (2) الأرض والجبال والسماء له وسائر ما خلق الله - لما أوقفه موقفك وأقامه مقامك -.
ليعلموا أن ولي الله عليا، غني عنهم، وأنه لا يكف عنهم انتقامه منهم إلا بأمر الله الذي له فيه وفيهم التدبير الذي هو بالغه، والحكمة (3) التي هو عامل بها وممض لما (4) يوجبها.
فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله الجماعة - من الذين اتصل به عنهم ما اتصل في أمر علي عليه السلام والمواطأة على مخالفته - بالخروج.
فقال لعلي عليه السلام - لما استقر عند سفح بعض جبال المدينة -: يا علي إن الله عز وجل أمر هؤلاء بنصرتك ومساعدتك، والمواظبة على خدمتك، والجد في طاعتك، فان أطاعوك فهو خير لهم، يصيرون في جنان الله ملوكا خالدين ناعمين، وإن خالفوك فهو شر لهم، يصيرون في جهنم خالدين معذبين.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لتلك الجماعة: اعلموا أنكم إن أطعتم عليا عليه السلام سعدتم وإن خالفتموه شقيتم، وأغناه الله عنكم بمن سيريكموه، وبما سيريكموه.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي سل ربك بجاه محمد وآله الطيبين، الذين أنت بعد محمد سيدهم، أن يقلب لك هذه الجبال ما شئت.
فسأل ربه تعالى ذلك، فانقلبت فضة.