قلنا: كل مكلف فهو قبل اجتماع هذه الشروط مأذون في الأربع ركعات متعين عليه فعلها، فيستصحب إلى أن يعلم الزوال، مع أن فيها تأسيا بالأئمة عليهم السلام وأصحابهم في كل زمان لم تنبسط فيه أيديهم، وإن كانوا يتقون على أنهم إنما كانوا يتقون، لأن فعل الركعتين كان مخصوصا بإمام الزمان ومن نصبه بخصوصه بخلاف الأربع، فالركعتان هما المفتقرتان إلى إذن صريح.
ولما بلغ الكلام هذا المبلغ ظهر عدم جواز عقدها لغير من نصبه الإمام بخصوصه، فلا وجوب عينيا لها معه ولا تخييريا.
وأما الثاني فهو عدم وجوب الحضور عينا إذا انعقدت بغير الإمام ومنصوبه، ففي شرح الإرشاد للشهيد (1) أن من أوجبها في الغيبة تخييرا كالمصنف إنما خير في الصحة العقد لا في السعي إليها إذا انعقدت فيوجبه عينا، وذلك للأخبار، وللآية على المشهور في تفسيرها، ويحتمل أن يخير فيهما.
ويقصر النصوص على جمعة الإمام ومنصوبه كما يظهر من شرح الإرشاد لفخر الاسلام (2)، ولعله الوجه، لأنه إذا كان في العقد الخيار لم يمكن التعين على من بعد فرسخين، لأنه إنما يتعين عليه إذا علم الانعقاد، ولا يمكنه العلم به غالبا إلا بعده.
ولم يذكر المفيد اشتراط وجوبها عينا أو مطلقا بالإمام ومن نصبه، بل قال في المقنعة: واعلم أن الرواية جاءت عن الصادقين عليهما السلام: إن الله جل جلاله فرض على عباده من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة، لم يفرض فيها الاجتماع إلا في صلاة الجمعة خاصة، فقال جل من قائل: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون).
وقال الصادق عليه السلام: من ترك الجمعة ثلاثا من غير علة طبع الله على قلبه).