فرضها الله في جماعة، إلا أن يمنع مانع، ومعنى الآية: (فاسعوا إليها) إلا أن يمنع مانع، فما لم يعلم وجود المانع يجب الاجتماع والسعي.
لأنا نقول: أي مانع أقوى من عدم العلم بإذن الشارع، والتفصيل أنه لا يخلو إما أن يكون عدم الإذن مانعا من الوجوب أو لا، والثاني ضروري الفساد عقلا ودينا. لكن الإذن يعم ما دل عليه العقل وما دل عليه السمع.
وعلى الأول إما أن يكون مانعا من الرجحان أو لا، والثاني ضروري الفساد عقلا ودينا، وعلى الأول إما أن يكون مانعا من الجواز أو لا، والثاني إنما يفيد جواز الجمعة ما لم يعلم النهي عنها، والأول يفيد الحرمة بدون الإذن.
فلا تخلو الآية إما أن يكون معناها إذا نودي للجمعة فاسعوا إليها وإن كانت مما لم يأذن فيها الشارع، أو معناها إذا نودي لها فاسعوا إليها إلا أن تكون مما لم يأذن فيها الشارع، والأول ظاهر الفساد، فتعين الثاني.
ولا يخلو الخبر الأول إما معناه فرضها الله في أي جماعة وإن لم يأذن فيها الشارع، أو إلا جماعة لم يأذن فيها، وتعين الثاني ظاهر.
ولا يخلو معنى الخبر الثاني أمهم بعضهم وإن لم يأذن له الشارع، أو إلا أن لا يأذن له، والثاني المتعين إلا أن يراد جواز الإمامة، فيمكن القول به مطلقا، ولا يعطي المطلوب هنا.
وإذا كان المعنى في الآية والخبرين ما عرفت، فإما أن يكون المانع هو العلم بعدم الإذن أو عدم العلم بالإذن، والثاني هو المتعين، لما عرفت من اشتراط كل عبادة بالإذن ضرورة من العقل والدين، فلا فرق بين هذا المعنى وما ذكرناه.
وأيضا إذا احتملت الآية والخبران ما ذكرناه كفى في عدم صلاحيتها، لمعارضة الأصل، فإن الناس في سعة مما لا يعلمون، بل الأصل حرمة العبادة المخصوصة والإمامة والاقتداء بالغير والاكتفاء بقرائته بلا إذن من الشارع مقطوع به.
وإذا جاء الاحتمال بطل القطع بالإذن، فلم يجز الاقدام عليه فضلا عن