ويعلل بأمرين:
أحدهما: أن الإذن حاصل من الأئمة الماضين:، فهو كالإذن من إمام الوقت، وإليه أشار الشيخ في الخلاف - يعني بما سمعته من العبارة التي تعجب منها ابن إدريس، وقد عرفت معناها - قال: ويؤيده صحيح زرارة، قال: حثنا أبو عبد الله عليه السلام على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه، فقلت: نغدوا عليك؟
فقال: لا، إنما عنيت عندكم. ولأن الفقهاء حال الغيبة يباشرون ما هو أعظم من ذلك بالإذن كالحكم والافتاء، فهذا أولى.
والتعليل الثاني أن الإذن إنما يعتبر مع إمكانه، أما مع عدمه فيسقط اعتباره ويبقى عموم القرآن والأخبار خاليا عن المعارض. ثم قال: والتعليلان حسنان، والاعتماد على الثاني (1).
قلت: يعني به أن الإذن العام موجود، فلا حاجة إلى إذن خاص بشخص أو أشخاص بأعيانهم.
ثم قال: إذا عرفت ذلك فقد قال الفاضلان: يسقط وجوب الجمعة حال الغيبة، ولم يسقط الاستحباب، وظاهرهما أنه لو أتى بها كانت واجبة مجزئة عن الظهر، فالاستحباب إنما هو في الاجتماع، أو بمعنى أنه أفضل الأمرين الواجبين على التخيير. وربما يقال بالوجوب المضيق حال الغيبة، لأن قضية التعليلين ذلك، فما الذي اقتضى سقوط الوجوب، إلا أن عمل الطائفة على عدم الوجوب العيني في سائر الأعصار والأمصار، ونقل الفاضل فيه الاجماع (2)، إنتهى.
ويكفيك ما عرفته من الكلام على أدلة الجواز، وما سبق على العينية لا مع الإمام ونائبه. ولا تغفلن عما نبهناك عليه، من أنه لا فرق بين زمني الغيبة والظهور في كون الوجوب عينيا أو تخييريا على القول الثاني، فإنها إنما تجب عندهم عينا عند الظهور إذا وجد الإمام أو نائبه بخصوصه كأمرائه، فإذا لم يوجدا تخير