متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال: * (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) * إلى آخر الآية * (إن الله كان عليكم رقيبا) * (النساء 1) والآية التي في آخر الحشر * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله، ولتنظر نفس ما قدمت لغد) * تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره حتى قال: " ولو بشق تمرة " فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شئ " رواه مسلم.
قوله " مجتابي النمار " هو بالجيم وبعد الألف باء موحدة. " النمار " جمع نمرة وهي كساء من صوف مخطط. ومعنى " مجتابيها ": لابسيها قد خرقوها في رؤوسهم.
والجوب: القطع، ومنه قول الله تعالى (الفجر 9): * (وثمود الذين جابوا الصخر بالواد) *:
أي نحتوه وقطعوه. وقوله " تمعر " هو بالعين المهملة: أي تغير. وقوله " رأيت كومين " بفتح الكاف وضمها، أي: صبرتين. وقوله " كأنه مذهبة " هو بالذال