واعلم أن المنقول عن عمر رضي الله عنه " عذب كفرة أهل الكتاب "، لأن قتالهم ذلك الزمان كان مع كفرة أهل الكتاب، وأما اليوم، فالاختيار أن يقول: " عذب الكفرة " فإنه أعم. وقوله: نخلع: أي نترك، وقوله: يفجر أي: يلحد في صفاتك، وقوله نحفد بكسر الفاء، أي: نسارع، وقوله: الجد بكسر الجيم: أي الحق، وقوله: ملحق بكسر الحاء على المشهور، ويقال بفتحها، ذكره ابن قتيبة وغيره وقوله: ذات بينهم، أي: أمورهم ومواصلاتهم، وقوله: والحكمة، هي: كل ما منع من القبيح، وقوله:
وأوزعهم: أي ألهمهم، وقوله: واجعلنا منهم، أي: ممن هذه صفته. قال أصحابنا:
يستحب الجمع بين قنوت عمر ي ضي الله عنه وما سبق، فإن جمع بينهما، فالأصح تأخير قنوت عمر، وإن اقتصر فليقتصر على الأول، وإنما يستحب الجمع بينهما إذا كان منفردا أو إمام محصورين يرضون بالتطويل.
واعلم أن القنوت لا يتعين فيه دعاء على المذهب المختار، فأي دعاء دعا به حصل القنوت ولو قنت بآية، أو آيات من القرآن العزيز وهي مشتملة على الدعاء حصل القنوت، ولكن الأفضل ما جاءت به السنة. وقد ذهب جماعة من أصحابنا إلى أنه يتعين ولا يجزئ غيره.
واعلم أنه يستحب إذا كان المصلي إماما أن يقول: " اللهم اهدنا " بلفظ الجمع، وكذلك الباقي، ولو قال " اهدني " حصل القنوت وكان مكروها، لأنه يكره للإمام تخصيص نفسه بالدعاء.
162 - وروينا في سنن أبي داود، والترمذي، عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤم عبد قوما فيخص نفسه بدعوة دونهم، فإن فعل فقد خانهم " قال الترمذي: حديث حسن.
فصل: اختلف أصحابنا في رفع اليدين في دعاء القنوت ومسح الوجه بهما على ثلاثة أوجه. أصحها: أنه يستحب رفعهما، ولا يمسح الوجه. والثاني: يرفع ويمسحه.
والثالث: لا يرفع ولا يسمح. واتفقوا على أنه لا يمسح غير الوجه من الصدر ونحوه، بل قالوا: ذلك مكروه.
وأما الجهر بالقنوت والإسرار به، فقال أصحابنا: إن كان المصلي منفردا أسر به، وإن كان إماما جهر على المذهب الصحيح المختار الذي ذهب إليه الأكثرون والثاني:
أنه يسر كسائر الدعوات في الصلاة، وأما المأموم، فإن لم يجهر الإمام قنت سرا كسائر