وكان يحيى بن معاذ الرازي رضي الله عنه يقول: كيف أدعوك وأنا عاص؟ وكيف لا أدعوك وأنت كريم؟.
ومن آدابه: حضور القلب، وسيأتي دليله إن شاء الله تعالى. وقال بعضهم: المراد بالدعاء: إظهار الفاقة، وإلا فالله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء.
وقال الإمام أبو حامد الغزالي في " الإحياء ": آداب الدعاء عشرة:
الأول: أن يترصد الأزمان الشريفة، كيوم عرفة، وشهر رمضان، ويوم الجمعة، والثلث الأخير من الليل، ووقت الأسحار.
الثاني: أن يغتنم الأحوال الشريفة، كحالة السجود، والتقاء الجيوش، ونزول الغيث، وإقامة الصلاة، وبعدها. قلت: وحالة رقة القلب.
الثالث: استقبال القبلة، ورفع اليدين، ويمسح بهما وجهه في آخره.
الرابع: خفض الصوت بين المخافتة والجهر.
الخامس: أن لا يتكلف السجع، وقد فسر به الاعتداء في الدعاء، والأولى أن يقتصر على الدعوات المأثورة، فما كل أحد يحسن الدعاء، فيخاف عليه الاعتداء.
وقال بعضهم: ادع بلسان الذلة والافتقار، لا بلسان الفصاحة والانطلاق، ويقال:
إن العلماء والأبدال لا يزيدون في الدعاء على سبع كلمات، ويشهد له ما ذكره الله سبحانه وتعالى في آخر سورة البقرة (ربنا لا تؤاخذنا...) إلى آخرها [البقرة: 286] لم يخبر سبحانه في موضع عن أدعية عباده بأكثر من ذلك.
قلت: ومثله قول الله سبحانه وتعالى في سورة إبراهيم (صلى الله عليه وسلم): (وإذ قال إبراهيم:
رب اجعل هذا البلد آمنا...) إلى آخره [إبراهيم: 35].
قلت: والمختار الذي عليه جماهير العلماء أنه لا حجر في ذلك، ولا تكره الزيادة على السبع، بل يستحب الإكثار من الدعاء مطلقا.
السادس: التضرع والخشوع والرهبة، قال الله تعالى: (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين) [الأنبياء: 90] وقال تعالى: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية) [الأعراف: 55].