790 - وروينا في كتاب ابن السني بإسناد فيه رجل لم أتحقق حاله (1) وباقي إسناده صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه، وإن زاد على ثلاثة فهو مزكوم، ولا يشمت بعد ثلاث ".
واختلف العلماء فيه، فقال ابن العربي المالكي: قيل: يقال له في الثانية: إنك مزكوم، وقيل: يقال له في الثالثة، وقيل: في الرابعة، والأصح أنه في الثالثة. قال:
والمعنى فيه أنك لست ممن يشمت بعد هذا، لأن هذا الذي بك زكام ومرض، لا خفة العطاس. فإن قيل: فإذا كان مرضا، فكان ينبغي أن يدعى له ويشمت، لأنه أحق بالدعاء من غيره؟ فالجواب أنه يستحب أن يدعى له لكن غير دعاء العطاس المشروع، بل دعاء المسلم للمسلم بالعافية والسلامة ونحو ذلك، ولا يكون من باب التشميت.
فصل: إذا عطس ولم يحمد الله تعالى، فقد قدمنا أنه لا يشمت، وكذا لو حمد الله تعالى ولم يسمعه الإنسان لا يشمته، فإن كانوا جماعة فسمعه بعضهم دون بعض، فالمختار أنه يشمته من سمعه دون غيره.
وحكى ابن العربي خلافا في تشميت الذين لم يسمعوا الحمد إذا سمعوا تشميت صاحبهم، فقيل: يشمته، لأنه عرف عطاسه وحمده بتشميت غيره، وقيل: لا، لأنه لم يسمعه.
واعلم أنه إذا لم يحمد أصلا يستحب لمن عنده أن يذكره الحمد، هذا هو المختار.
وقد روينا في " معالم السنن " للخطابي نحوه عن الإمام الجليل إبراهيم النخعي، وهو من باب النصيحة والأمر بالمعروف، والتعاون على البر والتقوى، وقال ابن العربي: