الأذكار النووية - يحيى بن شرف النووي - الصفحة ٢٧٣
789 - وأما الذي رويناه في سنن أبي داود والترمذي عن عبيد الله بن رفاعة الصحابي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يشمت العاطس ثلاثا، فإن زاد، فإن شئت فشمته، وإن شئت فلا " فهو حديث ضعيف (1)، قال فيه الترمذي: حديث غريب، وإسناده مجهول.

(1) قال الحافظ في " الفتح " 10 / 499 في الأدب، باب تشميت العاطس: إطلاقه عليه الضعف ليس بجيد، إذ لا يلزم من الغرابة الضعف، قال الحافظ: وأما وصف الترمذي إسناده بكونه مجهولا، فلم يرد جميع رجال الإسناد، فإن معظمهم موثقون، وإنما وقع في روايته تغيير اسم بعض رواته وإبهام اثنين منهم، وذلك أن أبا داود والترمذي أخرجاه معا من طريق عبد السلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرحمن، ثم اختلفا، فأما رواية أبي داود ففيها عن يحيى بن إسحاق بن طلحة عن أمه حميدة أو عبيدة بن عبيد بن رفاعة عن أبيها، وهذا إسناد حسن، والحديث مع ذلك مرسل كما سأبينه، وعبد السلام بن حرب من رجال الصحيح، ويزيد هو أبو خالد الدالاني وهو صدوق في حفظه شئ، ويحيى بن إسحاق وثقه يحيى بن معين، وأمه حميدة روى عنها أيضا زوجها إسحاق بن أبي طلحة، وذكرها ابن حبان في ثقات التابعين، وأبوها عبيد بن رفاعة، ذكروه في الصحابة لكونه وله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وله رؤية، قاله ابن، السكن، قال: ولم يصح سماعه، وقال البغوي: روايته مرسلة، وحديثه عن أبيه عند الترمذي والنسائي وغيرهما، وأما رواية الترمذي ففيها عن عمر بن إسحاق بن أبي طلحة عن أمه عن أبيها، كذا سماه عمر، ولم يسم أمه ولا أباها، وكأنه - يعني الترمذي - لم يمعن النظر، فمن ثم قال: إن إسناد مجهول، وقد تبين أنه ليس بمجهول، وأن الصواب يحيى بن إسحاق، لا عمر، فقد أخرجه الحسن بن سفيان وابن السني وأبو نعيم وغيرهم من طريق عبد السلام بن حرب فقالوا: يحيى بن إسحاق، وقالوا: حميدة بغير شك وهو المعتمد.
وقال أحافظ وقال إن العربي: هذا الحديث وإن كان فيه مجهول، لكن يستحب العمل به، لأنه دعاء بحير وصلة وتودد للجليس، فالأولى العمل به، والله أعلم. قال: وقال ابن عبد البر: دل حديث عبيد بن رفاعة على أنه يشمت ثلاثا، وقال أنت مزكوم بعد ذلك، وهي زيادة يجب قبولها، فالعمل بها أولى. ا ه‍. وقد ذكر الحافظ لهذا الحديث شواهد كثيرة مرسلة وموقوفة، انظرها في " الفتح " 10 / 498.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست