الشافعي أكره أن تكون الطائفة في صلاة الخوف أقل من ثلاثة فينبغي أن تكون الطائفة التي مع الإمام ثلاثة فأكثر والذين في وجه العدو كذلك، واستدل بقول الله تعالى: (وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا) الآية. فأعاد على كل طائفة ضمير الجمع وأقل الجمع ثلاثة على المشهور، وخالف فيه بعض الأئمة كما سيجيء (ثم يسلم) الإمام (بهم جميعا) أي بالطائفتين جميعا كما هو ظاهر العبارة لكن حديث الباب لا يدل على ذلك (فصلى) النبي صلى الله عليه وسلم (بالذين يلونه ركعة) ولم يذكر عبد الرحمن ابن القاسم عن أبيه القاسم أن أهل الصف الأول الذين يلونه صلوا وأتموا لأنفسهم ركعة أخرى أم لا، لكن روى يحيى بن سعيد عن القاسم أنهم أتموا لأنفسهم الركعة الباقية، والمؤلف حمل هذا الحديث على ذلك المعنى المفسر ولذا قال في ترجمة الباب حتى يصلي الذين معه ركعة أخرى إلخ (ثم قام) النبي صلى الله عليه وسلم (فلم يزل قائما) لكي يفرغ أهل الصف الأول من الركعة الثانية ولأجل أن يصلي معه أهل الصف المؤخر ركعة بعد فراغ أهل الصف الأول (حتى صلى الذين خلفهم ركعة) أي خلف أهل الصف الأول، وهذه غاية لقيام النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت صلاة الصف المؤخر معه صلى الله عليه وسلم بعد فراغ الصف المقدم ولذا فصل الكلام وقال (ثم تقدموا) أي أهل الصف المؤخر للصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم (وتأخر الذين كانوا قدامهم) أي قدام الصف المؤخر، وكان تأخر ذلك الصف المقدم لأجل الحراسة وهم قد فرغوا من الصلاة (فصلى بهم) أي بالصف المؤخر (ركعة) واحدة (ثم قعد) النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد (حتى صلى الذين تخلفوا) عن الركعة الأولى وهم أهل الصف المؤخر (ركعة) أخرى (ثم سلم) النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الطائفة الثانية أو بالطائفتين جميعا، وإليه جنح المؤلف، والظاهر هو الأول والله أعلم. قال المنذري: وفي رواية: وثبت قائما وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة مختصرا ومطولا انتهى.
(٧٧)