وهما ثمانية وأربعون ميلا هاشمية كما قال النووي: وقال أبو حنيفة والكوفيون لا يقصر في أقل من ثلاث مراحل.
وقد أورد البخاري ما يدل على أن اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة يعني قوله في صحيحه وسمى النبي صلى الله عليه وسلم السفر يوما وليلة بعد قوله باب في كم يقصر الصلاة. وقال الخطابي إن ثبت هذا الحديث كانت الثلاثة فراسخ حدا فيما تقصر فيه الصلاة إلا أني لا أعرف أحدا من الفقهاء يقول به. وقد روي عن أنس أنه كان يقصر الصلاة فيما بينه وبين خمسة فراسخ. وعن ابن عمر أنه قال إني لأسافر الساعة من النهار فأقصر وعن علي أنه خرج إلى البجيلة فصلى بهم الظهر ركعتين ثم رجع من يومه. وقال عمرو بن دينار قال لي جابر بن زيد أقصر بعرفة.
فأما مذهب الفقهاء فإن الأوزاعي قال عامة العلماء يقولون مسيرة يوم تام وبهذا نأخذ.
وقال مالك القصر من مكة إلى عسفان وإلى الطائف وإلى جدة، وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق، وإلى نحوه أشار الشافعي حين قال ليلتين قاصدتين. وروي عن الحسن والزهري قريب من ذلك قالا يقصر في مسيرة يومين. واعتمد الشافعي في ذلك قول ابن عباس حين سئل فقيل له نقصر إلى عرفة قال لا ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف. وروي عن ابن عمر مثل ذلك وهو أربعة برد وهذا عن ابن عمر أصح الروايتين. وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي لا يقصر إلا في مسافة ثلاثة أيام انتهى. قال المنذري: وأخرجه مسلم.
(العصر بذي الحليفة ركعتين) وقد استدل بذلك على إباحة القصر في السفر القصير لأن بين المدينة وذي الحليفة ستة أميال. وتعقب بأن ذا الحليفة لم تكن منتهى السفر وإنما خرج إليها حيث كان قاصدا إلى مكة واتفق نزوله بها وكانت أول صلاة حضرت صلاة العصر فقصرها واستمر يقصر إلى أن رجع قال في المرقاة: لا يجوز القصر إلا بعد مفارقته بنيان البلد عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد ورواية عن مالك، وعنه أنه يقصر إذا كان من المصر على ثلاثة أميال، وقال بعض التابعين إنه يجوز أن يقصر من منزله. وروى ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه أنه خرج من البصرة فصلى الظهر أربعا ثم قال: إنا لو جاوزنا هذا الخص لصلينا ركعتين. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.