أمرا جديدا (فدفعنا) على بناء الفاعل أو المفعول أي دفعنا الانطلاق (وإذا هو بارز) قال الحافظ بن الأثير: جاء هذا الحديث هكذا في سنن أبي داود بارز براء ثم زاء من البروز وهو الظهور وهو تصحيف من الراوي. قال الخطابي في المعالم والأزهري في التهذيب وإنما هو بأزز بباء الجر وهمزة مضمومة وزاءين لأنه معجمتين أي بجمع كثير يقال أوتيت الوالي والمجلس أزز أي كثير الزحام ليس فيه متسع، والناس أزز إذا انضم بعضهم إلى بعض، والمعنى انتهيت إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ممتلئ بالناس (في صلاة قط) فيه استعمال قط في الإثبات وهي مختصة بالنفي بإجماع النحاة، وخرجه الشيخ جمال الدين بن هشام على أنه وقع قط بعد ما المصدرية كما يقع بعد ما النافية. وقال الرضى: وربما يستعمل قط بدون النفي لفظا ومعنى كنت أراه قط أي دائما، وقد يستعمل بدونه لفظا لا معنى هل رأيت ذئبا قط قاله السيوطي (لا نسمع له صوتا) قال في المنتقي: وهذا يحتمل أنه لا يسمعه لبعده لأن في رواية مبسوطة له " أتينا والمسجد قد امتلأ " وعند الشيخين والترمذي وصححه وعند أحمد والطيالسي وابن حبان والحاكم من حديث عائشة " أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة " وعند الشافعي وأبي يعلى عن ابن عباس قال " كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف فما سمعت منه حرفا من القرآن " وفي إسناده ابن لهيعة. قال البخاري: حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة، ورجح الشافعي رواية سمرة بأنها موافقة لرواية ابن عباس.
قلت: حديث عائشة أرجح لكونه في الصحيحين، ولكونه متضمنا للزيادة، ولكونه مثبتا، ولكونه معتضدا بما أخرجه ابن خزيمة وغيره عن علي مرفوعا من إثبات الجهر، وحديث سمرة صححه الترمذي وابن حبان والحاكم لكن أعله ابن حزم بجهالة ثعلبة بن عباد راوية عن سمرة، وقد قال ابن المديني إنه مجهول وذكره ابن حبان في الثقات مع أنه لا راوي له إلا الأسود بن قيس قاله الحافظ. وفي سند حديث ابن عباس رضي الله عنه ابن لهيعة وهو ضعيف. وقد ذهب إلى الجهر أحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وبه قال صاحب أبي حنيفة وابن العربي من المالكية، وحكى النووي عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة والليث بن