(أحدكم بالأمر) أي من نكاح أو سفر أو غيرهما مما يريد فعله أو تركه. قال ابن أبي جمرة:
الوارد على القلب على مراتب الهمة ثم اللمة ثم الخطرة ثم النية ثم الإرادة ثم العزيمة، فالثلاثة الأول لا يؤاخذ بها بخلاف الثلاث الأخيرة فقوله: إذا هم يشير إلى أنه أول ما يرد على القلب فيستخير فيظهر له ببركة الصلاة والدعاء ما هو الخير بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده وقويت عزيمته فيه فإنه يصير إليه ميل وحب فيخشى أن يخفى عليه وجه الأرشدية لغلبة ميله إليه، قال:
ويحتمل أن يكون المراد بالهم العزيمة لأن الخواطر لا تثبت فلا يستخير إلا على ما يقصد التصميم على فعله وإلا لو استخار في كل خاطر لاستخار فيما لا يعبأ به فتضيع عليه أوقاته.
ووقع في حديث ابن مسعود بلفظ: " إذا أراد أحدكم أمرا " رواه الطبراني وصححه الحاكم (فليركع) أي ليصل أمر ندب (ركعتين) بنية الاستخارة وهما أقل ما يحصل به المقصود يقرأ في الأولى الكافرون وفي الثانية الإخلاص (من غير الفريضة) بيان للأكمل ونظيره تحية المسجد وشكر الوضوء. قال ميرك: فيه إشارة إلى أنه لا تجزئ الفريضة، وما عين وقتا فتجوز في جميع الأوقات، وإليه ذهب جمع والأكثرون على أنها في غير الأوقات المكروهة (وليقل) أي بعد الصلاة (اللهم إني أستخيرك) أي أطلب أصلح الأمرين (بعلمك) أي بسبب علمك، والمعنى أطلب منك أن تشرح صدري لخير الأمرين بسبب علمك بكيفيات الأمور كلها. قال الطيبي:
الباء فيه وفي قوله: (وأستقدرك بقدرتك) إما للاستعانة كما في قوله تعالى: (بسم الله مجريها ومرساها) أي أطلب خيرك مستعينا بعلمك فإني لا أعلم فيم خيرك، وأطلب منك القدرة فإنه لا حول ولا قوة إلا بك، وإما للاستعطاف، أي بحق علمك الشامل وقدرتك الكاملة (وأسألك من فضلك العظيم) أي تعيين الخير وتبيينه وإعطاء القدرة لي عليه (فإنك تقدر) بالقدرة الكاملة على كل شئ ممكن تعلقت به إرادتك (ولا أقدر) على شئ إلا بقدرتك وحولك وقوتك (وتعلم) بالعلم المحيط بجميع الأشياء خيرها وشرها (ولا أعلم) شيئا منها إلا بإعلامك وإلهامك (اللهم فإن كنت تعلم) أي إن كان في علمك (أن هذا الأمر) أي الذي يريده (يسميه) أي يسمي ذلك الأمر وينطق بحاجته ويتكلم بمراده (بعينه) أي بعين ذلك الأمر الذي يريد به المستخير. وهذه الجملة صفة قوله هذا الأمر. وقوله: يسميه بعينه جملة مستأنفة (خير لي) أي الأمر الذي عزمت عليه أصلح (في ديني) أي فيما يتعلق بديني أولا وآخرا (ومعاشي) في