وهذا الحديث يدل على وجوب غسل يوم الجمعة للتصريح فيه بلفظ الواجب في رواية البخاري. وقد استدل به على عدم الوجوب باعتبار اقترانه بالسواك ومس الطيب. قال القرطبي: ظاهره وجوب الاستنان والطيب لذكرهما بالعاطف، فالتقدير الغسل واجب والاستنان والطيب كذلك. قال: وليسا بواجبين اتفاقا، فدل على أن الغسل ليس بواجب إذ لا يصح تغريك النبي ما ليس بواجب بالواجب بلفظ واحد. انتهى. وتعقبه ابن الجوزي بأنه لا يمتنع عطف ما ليس بواجب على الواجب لا سيما ولم يقع التصريح بحكم المعطوف. وقال ابن المنير في الحاشية: إن سلم أن المراد بالواجب الفرض لم ينفع دفعه بعطف ما ليس بواجب عليه لأن للقائل أن يقول أخرج بدليل فبقي ما عداه على الأصل. قال المنذري: وأخرجه مسلم والنسائي وأخرجه البخاري من حديث عمرو بن سليم الزرقي عن أبي سعيد بنحوه.
(الجرجرائي) نسبة إلى جرجرايا بفتح الجيمين وتسكين الراء الأولى وفتح الثانية: مدينة من أرض العراق بين واسط وبغداد (حبي) بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة وآخره ياء المتكلم: لقب لمحمد بن حاتم (يقول من غسل) بالتشديد والتخفيف (يوم الجمعة واغتسل) قال الإمام الخطابي: اختلف الناس في معناهما، فمنهم من ذهب إلى أنه من الكلام المتظاهر الذي يراد به التوكيد ولم تقع المخالفة بين اللفظين لاختلاف المعنيين، ألا تراه يقول في هذا الحديث: ومشى ولم يركب ومعناهما واحد، وإلى هذا ذهب الأثرم صاحب أحمد. وقال بعضهم: غسل معناه غسل الرأس خاصة وذلك لأن العرب لهم لمم وشعور غسلها مؤنة فأفرد ذكر غسل الرأس من أجل ذلك، وإلى هذا ذهب مكحول وقوله اغتسل معناه سائر الجسد، وزعم بعضهم أن قوله غسل أي معناه أصاب أهله قبل خروجه إلى الجمعة ليكون أملك لنفسه وأحفظ لبصره في طريقه قال ومن هذا قول العرب: فحل غسله إذا كثر الضرب.
انتهى. (ثم بكر) بالتشديد على المشهور قال النووي أي راح في أول وقت (وابتكر) أي أدرك أول الخطبة ورجحه العراقي في شرح الترمذي، وقيل كرره للتأكيد، وبه جزم ابن العربي في عارضة الأحوذي. قال ابن الأثير في النهاية: بكر أتى الصلاة في أول وقتها، كل من أسرع إلى شئ فقد بكر إليه، وأما ابتكر فمعناه أدرك أول الخطبة، وأول كل شئ باكورته، وابتكر الرجل:
إذا أكل باكورة الفواكه، وقيل: معنى اللفظين واحد، فعل وافتعل، وإنما كرر للمبالغة والتوكيد