(باب المؤذن يستدير في أذانه) (قال) أي أبو جحيفة وهو بضم الجيم وفتح الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الفاء واسمه وهب بن عبد الله السوائي بضم السين والمد. قاله العيني (وهو) أي النبي صلى الله عليه وسلم (في قبة) قال في المصباح المنير: القبة من البنيان معروف، وتطلق على البيت المدور وهو معروف عند التركمان والجمع قباب (من أدم) بفتحتين جمع أديم أي جلد (فكنت أتتبع فمه ههنا وههنا) فمه منصوب على المفعولية، وههنا ههنا ظرفا مكان، والمراد بهما جهتا اليمين والشمال، ومعناه أنا أنظر إلى بلال متتبعا، وفي رواية الترمذي: (رأيت بلالا يؤذن ويدور ويتبع فاه ههنا وههنا) الحديث قال الحافظ: والحاصل أن بلالا كان يتبع بفيه الناحيتين وكان أبو حجيفة ينظر إليه فكل منهما متبع له باعتبار. انتهى. وفي رواية وكيع عن سفيان عند مسلم قال فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا يمينا وشمالا يقول: حي على الصلاة على الفلاح الحديث قلت: قوله: (كنت أتتبع فمه ههنا وههنا) هو محل الترجمة ويؤخذ منه مطابقة الحديث بالباب، وهو استدارة المؤذن في الأذان في الأذان كما عرفت من قول الحافظ ((قال) أبو جحيفة (وعليه حلة) هي بضم الحاء إزار ورداء. قال ابن الأثير: الحلة واحدة الحلل وهي برود اليمن ولا تسمى حلة، إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد (حمراء) قال الشوكاني رحمه الله، وقد زعم شمس الدين ابن القيم أن الحلة الحمراء بردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود وغلط من قال: إنها كانت حمراء بحتا قال وهي معروفة بهذا الاسم. انتهى. ولا يخفاك أن الصحابي قد وصفها بأنها حمراء هو من أهل اللسان. والجواب الحمل على المعنى الحقيقي وهو الحمراء البحت والمصير إلى المجاز أعني كون بعضها أحمر دون بعض لا يحمل ذلك الوصف عليه إلا لموجب، فإن أراد أن ذلك معنى الحلة الحمراء لغة فليس في كسب اللغة ما يشهد لذلك، وإن أراد أن ذلك حقيقة شرعية فيها، فالحقائق الشرعية لا تثبت بمجرد الدعوى، والواجب حمل مقالة ذلك الصحابي على لغة العرب لأنها لسانه ولسان قومه.
(١٥٤)