المعالم: هذه صلاة الإيثار والاختيار دون ما كان لها سبب، كالرجل يدرك الجماعة وهم يصلون فيصلي معهم ليدرك فضيلة الجماعة توفيقا بين الأخبار ورفعا للاختلاف بينهما.
انتهى. قال في الاستذكار: اتفق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه على أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم:
(لا تصلوا صلاة في يوم مرتين) أن ذلك أن يصلي الرجل صلاة مكتوبة عليه ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها على جهة الفرض أيضا، وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها نافلة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أمره بذلك فليس ذلك من إعادة الصلاة في يوم مرتين، لأن الأولى فريضة والثانية نافلة، فلا إعادة حينئذ. كذا في النيل. قال المنذري: وأخرجه النسائي وفي إسناده عمرو بن شعيب وقد تقدم الكلام عليه وهو محمول على صلاة الاختيار دون ماله سبب كالرجل يصلي ثم يدرك جماعة فيصلي معهم انتهى.
(باب جماع الإمامة وفضلها) قلت: في ضبطه وجهان: الأول جماع بكسر الجيم وفتح الميم المخففة وجماع الشئ جمعه لأن الجماع ما جمع عددا يقال: الخمر اثم جماع أي مجمعه ومظنته، وفي حديث أبي ذر (ولا جماع لنا فيما بعد) أي لا اجتماع لنا، وفي حديث آخر (حدثني بكلمة تكون جماعا فقال: اتق الله فيما تعلم) ومعنى قوله تكون جماعا أي كلمة تجمع كلمات. والثاني بضم الجيم وشدة الميم وهو كل ما تجمع وانضم بعضه إلى بعض، وجماع كل شئ مجتمع خلقه وجماع جسد الانسان رأسه. والجماع أخلاط من الناس وقيل هم الضروب المتفرقون والفرق المختلفة من الناس، ومنه الحديث (كان في جبل تهامة جماع) أي جماعات من قبائل شتى متفرقة كذا في اللسان ملخصا محررا. وعلى كلا الوجهين يصح حمل كلام المؤلف، فلفظ جماع في مثل هذا المحل بمنزلة الكتاب والأبواب والفصول كأنه قال باب من أبواب الإمامة، ومثله قول البيهقي في المعرفة جماع مواقيت الصلاة، وقد عرفت وجه الاشتقاق والله أعلم كذا في غاية المقصود.
(فأصاب الوقت فله ولهم) أي فله ثواب صلاته ولهم ثواب صلاتهم (ومن انتقص من