السجود فيها من غير كراهة (إلا الحمام والمقبرة) المقبرة وهي المحل الذي يدفن فيه الموتى، والحمام بتشديد الميم الأولى هو الموضع الذي يغتسل فيه بالحميم. وهو في الأصل الماء الحار، ثم قيل: للاغتسال بأي ماء كان. وحكمة المنع من الصلاة في المقبرة. قيل: هو ما تحت المصلي من النجاسة، وقيل لحرمة الموتى، وحكمة المنع من الصلاة في الحمام أنه يكثر فيه النجاسات، وقيل: إنه مأوى الشيطان. قال الخطابي: واختلف أهل العلم في تأويل هذا الحديث، فقال الشافعي إذا كانت المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم لم تجز الصلاة فيها للنجاسة، فإن صلى الرجل في مكان طاهر منها أجزأته صلاته، قال: وكذلك الحمام إذا صلى في موضع نظيف منه طاهر فلا إعادة عليه. وعن مالك بن أنس قال: لا بأس بالصلاة في المقبرة. وقال أبو ثور: لا يصلي في حمام ولا في مقبرة على ظاهر الحديث. وكان أحمد وإسحاق يكرهان ذلك ورويت الكراهية فيه عن جماعة من السلف.
واحتج بعض من لم يجز الصلاة في المقبرة وإن كانت طاهرة التربة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها مقابر) قال: فدل على أن المقبرة ليست بمحل للصلاة.
انتهى. قلت: وذهب الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة إلى كراهة الصلاة في المقبرة، ولم يفرقوا كما فرق الشافعي وهو الأشبه، وأما ما ذهب إليه مالك فالأحاديث ترد عليه قال المنذري:
والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة. وروي هذا الحديث مسندا ومرسلا. وقال الترمذي:
وهذا حديث فيه اضطراب، وذكر أن سفيان الثوري أرسله. وكأن رواية الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت وأصح.
(باب النهي عن الصلاة في مبارك الإبل) (لا تصلوا في مبارك الإبل) جاء في الأحاديث النهي عن الصلاة في موضع مبارك الإبل،