ذكر النهي عن الصف بين السواري ولم يقل كنا ننهي عن الصلاة بين السواري. وأما حديث الباب ففيه النهي عن مطلق الصلاة بين السواري فيحمل المطلق على المقيد، ويدل على ذلك صلاته صلى الله عليه وسلم بين الساريتين، فيكون النهي على هذا مختصا بصلاة المؤتمين بين السواري دون صلاة الإمام والمنفرد، وهذا أحسن ما يقال. وما تقدم من القياس على الإمام والمنفرد فاسد الاعتبار لمصادمته للأحاديث. هذا تلخيص ما قال الشوكاني في النيل. قال المنذري:
وأخرجه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن.
(باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر) (ليليني) بنون مشددة قبلها ياء مفتوحة. كذا ضبطنا في سنن أبي داود، وكذا هو في النسائي وابن ماجة. وضبطه في مسلم على وجهين. قاله الشيخ ولي الدين. وفي المصابيح ليليني. قال شارحه: الرواية بإثبات الياء وهو شاذ لأنه من المولى بمعنى القرب واللام للأمر، فيجب حذف الياء للجزم، قيل لعله سهو من الكاتب أو كتب بالياء لأنه الأصل ثم قرئ كذا.
أقول الأولى أن يقال إنه من إشباع الكسرة كما قيل في لم تهجو، ولم تدعى. أو تنبيه على الأصل كقراءة ابن كثير: إنه من يتقي ويصبر، أو أنه لغة في إنه لغة في إنه سكونه تقديري (أو لو الأحلام) جمع حلم بالكسر كأنه من الحلم والسكون والوقار، والأناة والتثبت في الأمور وضبط النفس عن هيجان الغضب ويراد به العقل لأنها من مقتضيات العقل وشعار العقلاء، وقيل أولو الأحلام البالغون، والحلم بضم الحاء البلوغ وأصله ما يراه النائم (والنهى) بضم النون جمع نهية وهو العقل الناهي عن القبائح، أي ليدن مني البالغون العقلاء لشرفهم ومزيد تفطنهم وتيقظهم وضبطهم لصلاته وإن حدث به عارض يخلفوه في الإمامة (ثم الذين يلونهم) معناه الذين يقربون منهم في هذا الوصف. قال النووي: في هذا الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الأمام لأنه أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها وينقلوها ويعلموها