قال في النيل: وقد صرح أبو إسحاق المروزي والغزالي بأن إمامة الأعمى أفضل من إمامة البصير، لأنه أكثر خشوعا من البصير من شغل القلب بالمبصرات، ورجح البعض أن إمامة البصير أولى لأنه أشد توقيا للنجاسة. والذي فهمه الماوردي من نص الشافعي أن إمامة الأعمى والبصير سواء في عدم الكراهية، لأن في كل منهما فضيلة، غير أن إمامة البصير أفضل لأن أكثر من جعله النبي صلى الله عليه وسلم إماما البصراء. وأما استنابته صلى الله عليه وسلم لابن أم مكتوم في غزواته فلأنه كان لا يتخلف عن الغزو من المؤمنين إلا معذور فلعله لم يكن في البصراء المتخلفين من يقوم مقامه أو لم يتفرغ لذلك واستخلفه لبيان الجواز. انتهى.
(باب إمامة الزائر) (يأتينا إلى مصلانا) أي مسجدنا (فصله) بهاء السكت (وسأحدثكم لم لا أصلي بكم) أي ولو أني أفضل من رجالكم لكونه صحابيا وعالما (من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم) فإنه أحق من الضيف، وكأنه امتنع من الإمامة مع وجود اذن منهم عملا بظاهر الحديث ثم إن حدثهم بعد الصلاة فالسين للاستقبال وإلا فلمجرد غير التأكيد.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
قالوا صاحب المنزل أحق بالإمامة من الزائر. وقال بعض أهل العلم: إذا أذن له فلا بأس أن يصلي به. وقال إسحاق: لا يصلي أحد بصاحب المنزل وإن أذن له، قال وكذلك في المسجد إذا زارهم يقول: ليصل بهم ربهم منهم. انتهى. وقال في المنتقى: وأكثر أهل العلم أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن رب المكان لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي مسعود (إلا بإذنه) ويعضده عموم ما رواه ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة) الحديث. وفيه (ورجل أم قوما وهم به راضون) انتهى. ملخصا. قال المنذري: وأخرجه الترمذي: وقال هذا حديث حسن.
وأخرجه النسائي مختصرا. وسئل أبو حاتم الرازي عن أبي عطية هذا فقال: لا يعرف ولا يسمى.