(كان الناس مجهودين) الجهد بالفتح المشقة والعسرة، يقال: جهد الرجل فهو مجهود إذا وجد مشقة، وجهد الناس فهم مجهودون إذا أجدبوا، ومجهدون عنه معسرون. كذا في النهاية، والمعنى أنهم كانوا في المشقة والعسرة لشدة فقرهم (مقارب السقف) لقلة ارتفاع الجدار (إنما هو) أي سقف المسجد (عريش) بفتح العين هو كل ما يستظل به. والمراد أن سقف المسجد كان من جريد النخل كما في رواية المؤلف عن ابن عمر أن المسجد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنيا باللبن والجريد وسقفه بجريد وعمده الخشب (حتى ثارت منهم رياح) أي طارت وانتشرت (اذى بذلك) الريح (بعضهم) فاعل آذى (بعضا) مفعول آذى (وكفوا العمل) بصيغة المجهول من كفى يكفي ولفظة كفى تجئ لمعان منها أجزأ وأغنى ومنها وقى. والأولى متعدية لواحد كقوله: قليل منك يكفيني، ولكن قليل لا يقال له قليل.
والثانية متعدية لاثنين كقوله تعالى: (كفى الله المؤمنين القتال) وههنا بمعنى وقى، أي وقاهم خدامهم وغلمانهم عن العمل والتعب والشدة (وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضا من العرق) بفتح العين والراء وهو ما يخرج من الجسد وقت الحرارة. وقوله من العرق بيان لقوله بعض الذي، والمعنى: أن العرق الذي كان يؤذي به بعضهم ذهب وزال بسبب لبسهم غير الصوف.
(من توضأ فبها) قال الخطابي قال الأصمعي: أي فبالسنة أخذ. انتهى. وقال ابن الأثير:
والباء في قوله فيها متعلقة بفعل مضمر، أي فبهذه الخصلة أو الفعلة يعنى الوضوء ينال الفضل انتهى (ونعمت) بكسر النون وسكون العين هذا هو المشهور، وروى بفتح النون وكسر العين