كان في الصف وأمره أحد بالاستواء أو بوضع يده على منكبه ينقاد ولا يتكبر. فالمعنى أسرعكم له انقيادا. وقال الخطابي: معناه لزوم السكينة في الصلاة والطمأنينة فيها لا يلتفت ولا يحاك منكبه منكب صاحبه، وقد يكون فيه وجه آخر وهو أن لا يمتنع على من يريد الدخول بين الصفوف ليسد الخلل أو لضيق المكان بل يمكنه من ذلك، ولا يدفعه بمنكبه لتراص ذلك الصفوف ويتكاتف الجموع (جعفر بن يحيى من أهل مكة) قال ابن المديني: شيخ مجهول لم يرو عنه غير أبي عاصم كذا في التهذيب.
(باب الصفوف بين السواري) هي جمع سارية وهي الأسطوانة.
(فدفعنا إلى السواري) أي بسبب المزاحمة (فتقدمنا) من السواري (وتأخرنا) عنها (كنا نتقي هذا) أي كنا نحترز عن الصلاة بين السواري. والحديث يدل على كراهة الصلاة بين السواري، والعلة في الكراهة ما قاله أبو بكر بن العربي من أن ذلك إما لانقطاع الصف أو لأنه موضع جمع النعال. قال ابن سيد الناس: والأول أشبه لأن الثاني محدث. قال القرطبي: روي أن سبب كراهة ذلك أنه مصلي الجن المؤمنين. قال الترمذي: وقد كره قوم من أهل العلم أن يصف بين السواري، وبه قال أحمد وإسحاق. وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك.
انتهى. وروى سعيد بن منصور في سننه النهي عن ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وحذيفة.
قال ابن سيد الناس: ولا يعلم لهم مخالف في الصحابة، ورخص فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن المنذر، قياسا على الإمام والمنفرد، قالوا وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة بين ساريتين.
قلت: يدل على التفرقة بين الجماعة والمنفرد حديث قرة عن أبيه قال: (كنا ننهي أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طردا) رواه ابن ماجة لأنه ليس فيه إلا