أصبح الرجل إذا دخل في الصبح انتهى. قال السيوطي: بهذا يعرف أن رواية من رواه بلفظ أسفروا بالفجر رواية بمعناه، وأنه دليل على أفضلية التغليس بها لا على التأخير إلى الأسفار انتهى. قال الخطابي: وتأولوا حديث رافع بن خديج على أنه أراد بالأصباح والإسفار أن يصليها بعد الفجر الثاني، وجعلوا مخرج الكلام فيه على مذهب مطابقة اللفظ، وزعموا أنه يحتمل أن يكون أولئك القوم لما أمروا بتعجيل الصلاة، جعلوا يصلونها بين الفجر الأول والفجر الثاني طلبا للأجر في تعجيلها ورغبة في الثواب. فقيل لهم: صلوها بعد الفجر الثاني وأصبحوا بها إذا كنتم تريدون الأجر فأن ذلك أعظم لأجوركم، فإن قيل: وكيف يستقيم هذا؟
ومعلوم أن الصلاة إذ لم يكن لها جواز لم يكن فيها أجر. قيل: أما الصلاة فلا جواز لها، ولكن أجرهم فيما نووه ثابت. كقوله عليه السلام: (إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر) ألا تراه أنه عليه السلام قد أبطل حكمه ولم يبطل أجره. وقد قيل: إن الأمر بالإسفار إنما جاء في الليالي المقمرة، وذلك أن الصبح لا يتبين فيه جدا وأمرهم فيها بزيادة التبيين استظهارا باليقين في الصلاة انتهى. قال الطحاوي. معنى قوله صلى الله عليه وسلم: أسفروا بالفجر أي طولوها بالقراءة إلى الأسفار وهو إضاءة الصبح. انتهى. قال المنذري: والحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة.
وقال الترمذي: حديث رافع ابن خديج حديث حسن صحيح.
(باب المحافظة على الصلوات) (كذب أبو محمد) قال الخطابي يريد أخطأ أبو محمد، ولم يرد به تعمد الكذب الذي هو ضد الصدق لأن الكذب إنما يجري في الأخبار وأبو محمد هذا إنما أفتى فتيا ورأى رأيا فأخطأ فيما أفتى به وهو رجل من الأنصار له صحبة والكذب عليه في الأخبار غير جائز، والعرب تضع الكذب موضع الخطأ في كلامها فتقول: كذب سمعي وكذب بصري، ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: للرجل الذي وصف له العسل: (صدق الله وكذب بطن أخيك) وإنما أنكر عبادة أن يكون الوتر واجبا وجوب فرض كالصلوات الخمس دون أن يكون واجبا في السنة، ولذلك