قامت الصلاة، بل المراد بها إقامة الصلاة وأدائها كما في قوله تعالى: (أقيموا الصلاة) قال الشيخ أبو بكر السجستاني في غرائب القران: يقال إقامتها أن يؤتي بها بحقوقها، يقال قام الأمر وأقام الأمر إذا جاء به معطى حقوقه. انتهى. فالمعنى والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل المسجد لأداء الصلاة وما رأى المصلين إلا قليلا جلس لانتظار المصلين، وإن رأى هم كثيرا صلى، وأما الإقامة المعروفة فوقت القيام للإمامة. ويحتمل أن يراد به ظاهر المعنى، وهو الإقامة بالألفاظ المعروفة، وأما الانتظار للمأمومين فبعدها، وكان ذلك بعض الأحيان لولا في الرواية المذكورة لفظ كان وهو يفيد الدوام والاستمرار. وأجيب بأنه ليست هذه إفادة بمطردة. وعلى هذا الاحتمال ينطبق الحديث بالباب لأنه لما أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد منتظر للمصلين فكيف يقوم بعض الحاضرين في الصف بل عليهم الجلوس والله أعلم. كذا في غاية المقصود.
(باب التشديد في ترك الجماعة) (ما من ثلاثة) وتقييده بالثلاثة المفيد ما فوقهم بالأولى نظرا إلى أقل أهل القرية غالبا ولأنه أقل الجمع وأنه أكمل صور الجماعة وإن كان يتصور باثنين. قاله علي القاري (ولا بدو) أي بادية (الصلاة) أي الجماعة (إلا قد استحوذ عليهم) أي غلبهم وحولهم إليه، فهذه كلمة مما جاء على أصله بلا إعلال خارجة عن أخواتها كاستقال واستقام. قاله في مرقاة الصعود (الشيطان) فأنساهم ذكر الله (فمنعك بالجماعة) أي ألزمها فإن الشيطان بعيد عن الجماعة ويستولي على من فارقها (فإنما) والفاء فيه مسببة عن الجميع يعني إذا عرفت هذه الحالة، فاعرف مثاله في الشاهد (يأكل الذئب) بالهمز والياء. قاله القاري (القاصية) أي الشاة البعيدة عن الأغنام لبعدها عن راعيها. قاله علي القاري. وقال في مرقاة الصعود هي المنفردة عن القطيع البعيدة عنه. أي إن الشيطان يتسلط على خارج عن الجماعة وأهل السنة. انتهى قال المنذري: والحديث أخرجه النسائي. انتهى. ورواه أحمد والحاكم وصححه.