(باب رفع الصوت بالأذان) وقد ترجم النسائي بقوله باب الثواب على رفع الصوت بالأذان.
(مدى صوته) بفتح الميم والدال. قال الخطابي في معالم السنن وابن الأثير في النهاية:
مدى الشئ غايته، والمعنى أن يستكمل مغفرة الله تعالى إذا استوفى وسعه في رفع الصوت فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية من الصوت. وقيل فيه وجه اخر وهو أنه كلام تمثيل وتشبيه يريد أن المكان الذي ينتهي إليه الصوت لو يقدر أن يكونه ما بين أقصاه وبين مقامه الذي هو فيه ذنوب تملأ تلك المسافة غفرها الله له انتهى. وقال في المرقاة قيل معناه أي له مغفرة طويلة عريضة على طريق المبالغة أي يستكمل مغفرة الله إذا استوفى وسعه في رفع الصوت. وقيل يغفر خطاياه وإن كانت بحيث لو فرضت أجساما لملأت ما بين الجوانب التي يبلغها. المدى على الأول نصب على الظرف وعلى الثاني رفع على أنه يقيم مقام الفاعل، وقيل معناه يغفر لأجله كل من سمع صوته فحضر للصلاة المسببة لندائه فكأنه غفر لأجله، وقيل معناه يغفر ذنوبه التي باشرها في تلك النواحي إلى حيث يبلغ صوته، وقيل معناه يغفر بشفاعته ذنوب من كان ساكنا أو مقيما إلى حيث يبلغ صوته، وقيل يغفر بمعنى يستغفر أي يستغفر له كل من يسمع صوته انتهى (ويشهد له) أي للمؤذن (كل رطب) أي نام (ويابس) أي جماد مما يبلغه صوته وفي رواية للبخاري (فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شئ إلا شهد له يوم القيامة) قال الحافظ في الفتح قال ابن بزيزة: تقرر في العادة أن السماع والشهادة والتسبيح لا يكون إلا من حي فهل ذلك حكاية عن لسان الحال لأن الموجودات ناطقة بلسان حالها بحلال باريها أو هو على ظاهره وغير ممتنع عقلا أن الله يخلق فيها الحياة والكلام انتهى.
وقال في المرقاة: والصحيح أن للجمادات والنباتات والحيوانات علما وإدراكا و تسبيحا كما يعلم من قوله تعالى: (وإن منها لما يهبط من خشية الله) وقوله تعالى: (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) قال البغوي: وهذا مذهب أهل السنة ويدل عليه قضية كلام الذئب والبقر وغيرهما انتهى. قلت: ويدل على صحة هذا القول ما في رواية مسلم من حديث جابر بن