(وهذا حديث محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق) الحاصل أن يزيد وعبد العزيز كلاهما يرويان عن محمد بن سلمة، وأما موسى فيروي عن حماد ثم محمد بن سلمة وحماد بن سلمة كلاهما يرويان عن محمد بن إسحاق، لكن هذا الحديث المروي هو لفظ محمد بن سلمة وليس لفظ حماد (قال يزيد وعبد العزيز في حديثهما) عن محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا) وأما موسى بن سلمة فخالف في بعض الاسناد (ولبس من أحسن ثيابه) وفيه استحباب التجمل والزينة يوم الجمعة الذي هو عيد للمسلمين (فلم يتخط أعناق الناس) أي لم يتجاوز رقاب الناس ولم يؤذهم وهو كناية عن التبكير أي على المصلي أن يبكر فلا يتخطى رقاب الناس ولا يفرق بين اثنين ولا يزاحم رجلين فيدخل بينهما لأنه ربما ضيق عليهما خصوصا في شدة الحر واجتماع الأنفاس (ثم صلي ما كتب الله له) أي يصلي ما شاء.
وفيه دليل على أنه ليس قبل الجمعة مخصوصة مؤكدة ركعتان أو أربع ركعات مثلا كالسنة بعد الجمعة، فالمصلي إذا دخل المسجد يوم الجمعة فله أن يصلي ما شاء متنفلا. وأما ما رواه ابن ماجة عن ابن عباس قال: (كان النبي يركع من قبل الجمعة أربعا لا يفصل في شئ منهن) ففي إسناده بقية ومبشر بن عبيد والحجاج ابن أرطاة وعطية العوفي وكلهم متكلم فيه (ثم أنصت) يقال: أنصت إذا سكت وأنصته إذا أسكته فهو لازم ومعتد والأول المراد ههنا (حتى يفرغ من صلاته) أي يفرغ المصلي أو الامام، والأول أظهر (كانت) هذه المذكورات من الغسل، ولبس أحسن الثياب ومس الطيب وعدم التخطي والصلاة النافلة والإنصات (كفارة لما بينها) أي الجمعة الحاضرة (وبين جمعته التي قبلها) قال الإمام الخطابي: يريد بذلك ما بين الساعة التي يصلي فيها الجمعة إلى مثلها من الجمعة الأخرى لأنه لو كان المراد به ما بين الجمعتين على أن يكون الطرفان وهما يوم الجمعة غير داخلين في العدد لكان لا يحصل له من