الحافظ في الفتح قال عياض وغيره: فيه حجة لشروع الأذان قائما. قلت: وكذا احتج به ابن خزيمة وابن المنذر، وتعقبه النووي بأن المراد بقوله قم أي اذهب إلى موضع بارز فناد فيه بالصلاة ليسمعك الناس. وقال وليس فيه تعرض للقيام في حال الأذان انتهى. وما نفاه ببعيد من ظاهر اللفظ، فإن الصيغة محتملة للأمرين وإن كان ما قاله أرجح، ونقل عياض أن مذهب العلماء كافة أن الأذان قاعد لا يجوز إلا أبا ثور ووافقه أبو الفرج المالكي، وتعقب بأن الخلاف معروف عند الشافعية وبأن المشهور عند الحنفية كلهم أن القيام سنة، وأنه لو أذن قاعدا صح، والصواب ما قال ابن المنذر إنهم اتفقوا على أن القيام من السنة (لجعله) الضمير المنصوب يرجع إلى عبد الله وهو جواب لولا.
وفي الحديث مشروعية التشاور في الأمور المهمة وأنه لا حرج على أحد من المتشاورين إذا أخبر بما أدى إليه اجتهاده. وقد استشكل إثبات حكم الأذان برؤيا عبد الله بن زيد لأن رؤيا غير الأنبياء لا يبني عليها حكم شرعي، وأجيب باحتمال مقارنة الوحي لذلك، أو لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بمقتضاها لينظر أبقر على ذلك أم لا، ولا سيما لما رأى نظمها يبعد دخول الوسواس فيه، ويؤيد الأول ما رواه عبد الرزاق وأبو داود في المراسيل من طريق عبيد بن عمير الليثي أحد كبار التابعين أن عمر لما رأى الأذان جاء ليخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فوجد الوحي قد ورد بذلك فما راعه إلا أذان بلال، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم سبقك بذلك الوحي. وأشار السهيلي إلى أن الحكمة في ابتداء شرع الأذان على لسان غير النبي صلى الله عليه وسلم التنويه بعلو قدره على لسان غيره ليكون أفخم لشأنه والله أعلم. قاله الحافظ في الفتح.
(باب كيف الأذان) (حدثني أبي عبد الله بن زيد) هو بدل عن أبي قال الحافظ في التقريب: عبد الله بن