قال رجل من بني الهجيم لابن عباس ما هذه الفتيا التي تشغفت أو تشغفت بالناس ان من طاف بالبيت فقد حل؟! فقال: سنة نبيكم وان رغمتم.
وفي رواية بعدها: ان هذا الامر مرقد تفشغ بالناس من طاف بالبيت فقد حل. الطواف عمرة 1.
" تشغفت " اي علقت بقلوب الناس و " تشغبت " اي خلطت عليهم أمرهم و " تفشغ " اي انتشر وفشا بين الناس.
وقد علق ابن القيم على رواية ابن عباس السابقة وقال: " وصدق ابن عباس:
كل من طاف بالبيت ممن لا هدي معه من مفرد أو قارن أو متمتع فقد حل اما وجوبا واما حكما، هذه هي السنة التي لا راد لها ولا مدفع وهذا كقوله (ص): " إذا أدبر النهار من هيهنا واقبل الليل من ههنا، فقد أفطر الصائم " اما أن يكون المعنى أفطر حكما أو دخل وقت افطاره، وصار الوقت في حقه وقت افطار، فهكذا هذا الذي قد طاف بالبيت اما أن يكون قد حل حكما، واما أن يكون ذلك الوقت في حقه ليس وقت احرام، بل هو وقت حل ليس الا، ما لم يكن معه هدي وهذا صريح السنة ".
وروى عن أبي الشعثاء عن ابن عباس قال: " من جاء مهلا بالحج فان الطواف بالبيت يصيره إلى عمرة شاء أو أبى " قلت إن الناس ينكرون ذلك عليك قال:
هي سنة نبيهم وان رغموا 2.
هكذا جاهد ابن عباس في عصره واعانه غيره من اتباع مدرسة الأئمة أمثال جابر بن عبد الله الأنصاري ومن هؤلاء وبعد هؤلاء تسرى القول بعمرة التمتع إلى اتباع مدرسة الخلفاء، كما يظهر ذلك من رواية ابن حزم عن منصور ابن المعتمر، قال:
حج الحسن البصري وحججت معه في ذلك العام، فلما قدمنا مكة، جاء رجل إلى الحسن، فقال: يا أبا سعيد! اني رجل بعيد الشقة من أهل خراسان واني قدمت مهلا بالحج، فقال له الحسن: اجعلها عمرة وأحل، فأنكر ذلك الناس على الحسن 3 وشاع قوله بمكة فاتى عطاء بن أبي رباح فذكر ذلك له، فقال: صدق الشيخ ولكنا نفرق ان نتكلم بذلك 4.