وروى عنه أيضا خلاف هذا الموقف 1 ولعل سبب اختلاف فتاويه في العمرة اختلاف أزمنة الفتاوى والروايات عنه كما لو كان السؤال منه على عهد أبيه، أو على عهد عثمان مثلا. فينبغي أن يكون الجواب موافقا لموقف الخلافة الراشدة اما في عصر ابن الزبير ومناهضة الخلافة الأموية له، فكان يسهل مخالفته وبهذا تيسر وقوع الخلاف الشديد حول عمرة التمتع في هذا العصر ووقع فكان منهم من ينهى عنها وهم عصبة الخلافة، ومنهم من يحبذ بها ويخبر عن أمر الرسول بها وهم بعض من بقي من أصحاب الرسول مثل جابر بن عبد الله الأنصاري الذي كان يخبر عن سنة الرسول في ذلك كما رواه مسلم في صحيحه عن أبي نضرة، قال: كنت عند جابر فأتاه آت فقال: ان ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين، فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله ثم نهانا عنهما عمر فلم نعدلها 2.
وبقي هذا الخلاف بين اتباع الطرفين مدة من الزمن ومن مظاهر ذلك الخلاف ما روى عن موسى بن نافع الأسدي أنه قال: قدمت مكة وانا متمتع بعمرة فدخلت قبل التروية بثلاثة أيام فقال لي ناس من أهل مكة: تصير حجتك مكية فدخلت على عطاء بن أبي رباح استفتيه، فقال: حدثني جابر بن عبد الله انه حج مع رسول الله (ص) يوم ساق البدن وقد أهلوا بالحج مفردا فقال لهم رسول الله (ص): " أحلوا من احرامكم بالطواف بالبيت وبين الصفا والمروة واقصروا وأنتم حلال فإذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة " قالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج، فقال " افعلوا ما أمرتكم فلولا اني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به ولكني لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله " ففعلوا 3.
وفي عصر ابن الزبير - أيضا - ظهرت أمارات انتصار من أحيا سنة الرسول وتعلقت قلوب الناس بعمرة التمتع حسب ما يظهر من روايات مسلم في صحيحه مثل الرواية الآتية: