حدثنا محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا أبو ذكوان القاسم بن إسماعيل بسيراف سنة خمس وثمانين ومائتين قال: حدثنا إبراهيم بن عباس الصولي الكاتب بالأهواز سنة سبع وعشرين ومائتين قال: كنا يوما بين يدي علي بن موسى عليهما السلام فقال لي: ليس في الدنيا نعيم حقيقي.
فقال له بعض الفقهاء ممن يحضره: فيقول الله عز وجل (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) أما هذه النعيم في الدنيا، وهو الماء البارد، فقال له الرضا عليه السلام وعلا صوته:
كذا فسرتموه أنتم وجعلتموه على ضروب، فقالت طائفة: وهو الماء البارد، وقال غيرهم هو الطعام الطيب، وقال آخرون هو النوم الطيب.
قال الرضا عليه السلام: ولقد حدثني أبي عن أبيه أبي عبد الله الصادق عليه السلام أن أقوالكم هذه ذكرت عنده في قول الله تعالى (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) فغضب عليه السلام وقال: إن الله عز وجل لا يسئل عباده عما تفضل عليهم به ولا يمن بذلك عليهم والامتنان بالإنعام مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف إلى الخالق عز وجل ما لا يرضى المخلوق به؟! ولكن النعيم حبنا أهل البيت وموالاتنا يسئل الله عباده عنه بعد التوحيد والنبوة لأن العبد إذا وفا بذلك أداه إلى نعيم الجنة الذي لا يزول.
ولقد حدثني بذلك أبي عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يا علي إن أول ما يسئل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله وإنك ولي المؤمنين بما جعله الله وجعلته لك، فمن أقر بذلك وكان يعتقد صار إلى النعيم الذي لا زوال له.
فقال لي أبو ذكوان بعد أن حدثني بهذا الحديث مبتدئا من غير سؤال: أحدثك بهذا من جهات منها لقصدك لي من البصر ومنها أن عمك أفادنيه ومنها أني كنت مشغولا باللغة والأشعار ولا أعول غيرهما، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم والناس يسلمون عليه ويجيبهم فسلمت، فما رد على فقلت أما أنا من أمتك يا رسول الله؟.
قال لي: بلى ولكن حدث الناس بحديث النعيم الذي سمعته من إبراهيم،