التحريم ما ذكره من أن نساء النبي (ص) كن يراجعنه (1) طوال النهار ويضايقنه، وانه راجع في ذلك أم سلمة فردته، فما وجه تخصيص عائشة وحفصة من بينهن باللوم والتقريع في قوله تعالى: (وإن تظاهرا عليه...) الآيات؟ كما صرح به هو مع اشتراك غيرها معهما في تلك المراجعة والطلب الملح، وهذا يخالف ما ذكرته أم المؤمنين في أحاديثها من أن سبب نزول الآيات تحريم النبي (ص) العسل على نفسه في قصة قد ذكرتها، والخليفة بعد هذا لم يذكر ما حرمه الرسول (ص) على نفسه ابتغاء مرضاة أزواجه ولم يبين السر الذي اذاعته زوج الرسول (ص) وزاد غموضا في الامر ما ذكر عمر في حديثه عن التحريم: من ايلاء النبي (ص) أزواجه تسعا وعشرين ليلة وتخييره إياهن، وهذا ما دعا مسلما أن يجعل التحريم والايلاء والمظاهرة أمرا واحدا في صحيحه حيث قال: باب في الايلاء واعتزال النساء وتخييرهن وقوله تعالى: (وإن تظاهرا عليه) (2) وشوش على ابن سعد فذكر التخيير في بابين من طبقاته فقال: باب ذكر المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله وتخييره نساءه (3) وقال في باب آخر: ذكر ما هجر فيه رسول الله (ص) نساءه وتخييره إياهن (4).
هذه الأحاديث إلى عشرات من أمثالها في قصة التحريم والتخيير، الواردة في كتب الصحاح والسنن والسير والمسانيد تولد للباحث دوارا شديدا في محاولته معرفة الواقع التأريخي، كما تربك المؤرخ فيما إذا أراد الرجوع إلى أصح كتب الحديث لكتابة سيرة النبي (ص) وتشوش على المفسر في محاولته تفسير آي الذكر